للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: في مجال الأفعال اطمأن]

وأما قوله «اطمأن» على كذا وجه، فقوله اطمأن من الطّمو، يقال «طمّ على الشيء» إذا غطاه وقهره حتى سكن وذلّ، وطمى الماء إذا علا موجه وتياره وغلب على المياه حوله.

فالنّون في قوله «اطمأن» زائدة في الكلمة لتقوية الكلمة. وكل شيء صيرت له قائمة، فقد قوّيته، وصيرت له قرارا، من أجل ذلك سمّى الحوت الذي عليه قرار الأرض (١) «نونا».

١ - السكّينة: فإنّما صار اطمأن في هذا المكان «السكّينة» (٢)، لأنه غطّاه وسكّنه.

٢ - الخبت، وإنما صار الاطمئنان في مكان آخر «الخبت» لأن الخبت، ما تطامن من الأرض، أي، اتّضع وانهبط ومنه قوله تعالى: ... الْمُخْبِتِينَ (٣).


(١) ذكر المحقق أن هذه خرافة تلقاها القدامى بلا تمحيص، وتناقلوها بما فيها من أخطاء وقد ثبت أن الأرض تسبح في الفضاء الكوني ... وصعود الإنسان إلى القمر والنزول على سطحه، كل ذلك دليل صدق وشاهد حق على أن الأرض لا تستقر على حوت أو على سمكة انظر هامش: ١١١، والحقيقة أنها أخبار سماعيّة، وقد رواها صفوة من المحدثين والمؤرخين فالألوسي يقول: النون، قيل إنه اسم الحوت الذي عليه الأرض يقال له: اليهموت بفتح الياء وسكون الهاء، واستدل على ذلك بما رواه الضياء في المختار والحاكم وصحّحه، وروى جمع عن ابن عباس أن الله خلق النون منبسطة عليه الأرض، انظر تفسير الألوسي: ٢٩/ ١٣، ومن المؤرخين الذين رووا ذلك سبط ابن الجوزي المتوفى ٦٥٤ فقد نصّ على ذلك في باب خلق الأرضين، فقال: أول ما خلق الله العالم فجرى بما هو كائن ... ثم خلق النون، وهو الحوت الذي يحمل الأرض، فبسط الأرض على ظهره. انظر: مرآة الزمان: ١/ ٥٧. وفي رأيي أن هذه أمور سمعيّة يجب التوقف إزاءها بدون إنكار.
(٢) من قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الفتح: ٤.
(٣) من قوله تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الحج: ٣٤.

<<  <   >  >>