وفي ضوء ما ذكره المرحوم الأستاذ أحمد أمين في هذا النص نستطيع أن نقول إن حركة التأليف في الحديث شملت أوطان العالم الإسلاميّ، وهذا يدل بدون شك على الحرص الكامل، والعناية البالغة بالتأليف في الحديث الشريف وتوثيقه.
على أن الهدف من جمع هذه الأحاديث كما يقول هو:«خدمة التشريع بتسهيل استنباط الأحكام منها، فالموطأ مرتب ترتيبا فقهيا وقد ذكروا أن الكتب الأخرى كالموطأ قد جمعت أيضا أقوال الصّحابة وفتاوي التابعين»(١)
[٢ - تدوين التفسير والتأليف فيه:]
وفي هذا العصر أيضا بدأ التأليف في التفسير يأخذ طريقه إلى التبويب والتنظيم بعد أن كان التفسير يدور حول بعض الآيات القرآنية أو ذكر أسباب نزولها، بدون مراعاة لترتيب المصحف.
وأول تفسير منظم وفق المصحف هو كتاب معاني القرآن للفراء (ت ٢٧٠ هـ) فقد ذكر ابن النديم في كتابه «الفهرست» أن عمر ابن بكير كان من أصحابه، وكان متقطفا إلى الحسن بن سهل، فكتب إلى الفرّاء: أن الأمير الحسن بن سهل ربّما سألني عن الشيء بعد الشيء من القرآن، فلا يحضرني فيه جواب، فإن رأيت أن تجمع لي أصولا، أو تجعل في ذلك كتابا أرجع إليه فعلت.
فقال الفرّاء لأصحابه: اجتمعوا حتى أمل عليكم كتابا في القرآن وجعل لهم يوما، فلما حضروا خرج إليهم، وكان في المسجد رجل