القارىء لكتاب الأشباه والنظائر ل «مقاتل بن سليمان»، والقارىء لكتاب هارون بن موسى يجد أنّ هارون اقتفى أثر مقاتل، وسار في دربه، كرر كلماته، ورتب في كثير من كتابه الكلمات المشتركة، وفق ما رتبه مقاتل، فمقاتل بدأ بشرح:«الهدى، ثم الكفر، ثم الشرك» وكذلك سار على هذا النهج هارون بن موسى.
وفي كثير من الأحوال يختم مقاتل وجوهه بقوله:«ونحوه كثير» وكذلك يفعل هارون، إذ نجد عبارة:«ونحوه كثير» تختم الوجوه التى ذكرها، ومن ناحية الأسلوب نجد أن الأسلوبين في الألفاظ، والترتيب والتنسيق متساويان في معظم النصوص، وإن اختلفا في القليل النادر، وهو اختلاف عند التمعن نجد أن منشأه النسخ، فقد يزيد الناسخ كلمة أو ينقص من النّص كلمة، لكنّ المعنى موحّد في جملة الكتابين لهذا، فإني أشك في أن كتاب هارون كتاب مستقل، وإنما هو صورة تكاد تكون طبق الأصل من كتاب مقاتل.
حقا، إن هارون التزم الإيجاز في كثير من تفسيره، ولكنه اختصار لكتاب مقاتل، وإذا كان مقاتل توفي بالبصرة سنة ١٥٠ هـ، وهارون توفي بها سنة ١٧٠ هـ تقريبا، فالرّجلان متعاصران في الزمان والمكان وإن كان مقاتل أسبق زمنا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هما أخذا من مصدر واحد