للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرادف له، وصار الأصل ما استقرت عليه القراءة في السنة التي توفي فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما عارضه به جبريل عليه السلام في تلك السنة مرتين، ثم

اجتمعت الصحابة على إثباته بين الدفتين، وبقي من الأحرف السبعة التي كان أبيح قراءة القرآن عليها ما لا يخالف المرسوم ... » (١).

ورجح بعض المعاصرين أن عثمان رضي الله عنه قد جمع الناس على حرف واحد وهو لغة قريش واطرح ما سواها (٢).

وهذا الرأي يمكن أن يفهم من جهتين: فإن أرادوا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد ألزم المسلمين بالقراءة بحرف قريش فحسب، وترك الأحرف الأخرى التي نزل بها القرآن، فهذا قول ضعيف لأمرين:

الأمر الأول: أن هذا القول يتعارض والمعنى الأقرب لمعنى الأحرف السبعة، فالأحرف السبعة كما تقدم هي كيفيات ووجوه متعددة متغايرة لكلمات القرآن الكريم، وهذه الوجوه مشتملة على حرف قريش وغيره.

الأمر الثاني: أن في هذا القول هدرا لجملة من القراءات القرآنية التي نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلم وثبتت في العرضة الأخيرة.

ويتمسك القائلون بأن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على حرف واحد: بأن الأحرف السبعة رخصة فيسوغ أخذ حرف منها دون سائر الأحرف.

ويرد على هذا الدليل: بأن التخيير إنما كان في قراءة ما هو متلقّى لا في نقل الروايات القرآنية، ولذلك كانت الرخصة في قراءة هذه الأحرف السبعة، أو قراءة بعضها، لا أن الأمة مخيرة أن تنقل ما تشاء منها، وتترك ما تشاء، فهذا مما لم تتناوله الرخصة سيما أن القرآن محفوظ كله بسائر الأحرف التي نزل بها.

ثم إن الصحابة الكرام قاموا بنقل ما تلقوه من النبي صلّى الله عليه وسلم من أوجه القراءة موافقا للرسم العثماني لضبط الأوجه المقروء بها، ذلك أن الخبير بالرسم العثماني يدرك بأنه


(١) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص ٨٩ - ٩٠.
(٢) منهم محمد طاهر الكردي، ود. عبد الفتاح شلبي، ود. عبده الراجحي، وانظر هذه المسألة:
غانم قدوري، رسم المصحف، ص ١٤٦ - ١٤٧.

<<  <   >  >>