وذكر الحديث، «وقال: فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً، لم يغضب قبله مثله، ولن بغضب بعده مثله، وإنه أمرني بأمر فعصيته، فأخاف أن يطرحني في النار، انطلقوا إلى غيري، نفسي نفسي» .
وذكر في نوح وإبراهيم وموسى وعيسى مثل ذلك، كلهم يقول: إني أخاف أن يطرحني في النار خرجه ابن أبي الدنيا عن أبي خيثمة، عن جرير، عن عمارة به، وخرجه مسلم في صحيحه عن أبي خيثمة إلا أنه لم يذكر لفظه بتمامة، وخرجه البخاري من وجه آخر بغير هذا اللفظ، «ولم يزل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون يخافون النار ويخوفون منها» .
فأما ما يذكر عن بعض العارفين من عدم خشية النار فالصحيح منه له وجه، سنذكره إن شاءالله تعالى.
قال ابن المبارك: أنبأني عمر بن عبد الرحمن بن مهدي، سمعت وهب بن منبه يقول: قال حكيم من الحكماء إني لأستحي من الله عز وجل أن أعبده رجاء ثواب الجنة ـ أي فقط ـ فأكون كالأجير السوء، إن أعطي عمل، وإن لم يعط لم يعمل، وإني لأستحي من الله أن أعبده مخافة النار، أي فقط، فأكون كعبد السوء، إن رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل، وإنه يستخرج حبه مني ما لا يستخرجه مني غيره.
خرجه أبو نعيم بهذا اللفظ، وفي تفسير لهذا الكلام من بعض رواته، وهو أنه ذم العبادة على وجه الرجاء وحده أو على وجه الخوف وحده، وهذا حسن.