عصيته أن يسجنني في النار، والله لو لم يوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لكنت حرياً أن لا تجف لي عين، قلت له: فهكذا أنت في صلاتك؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، قال: والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي، فيحول بيني وبين ما أريد، وإنه ليوضع الطعام بين يدي، فيعرض لي، فيحول بيني وبين أكله، حتى تبكي امرأتي، وتبكي صبياننا، ما يدرون ما أبكانا، وربما أضجر ذلك امرأتي فتقول: يا ويحها، وما خصه من طول الحزن معك في الحياة الدنيا ما يقر لي معك عين.
وقال يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما.
وروى ضمرة عن حفص بن عمر، قال: بكى الحسن، فقيل ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني غداً في النار ولا يبالي.
وعن الفرات بن سليمان، قال: كان الحسن يقول: إن المؤمنين قوم ذلت والله منهم الأسماع والأبصار والأبدان، حتى حسبهم الجاهل مرضى، وهم والله أصحاب القلوب، ألا تراه يقول:
{وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} .
والله لقد كابدوا في الدنيا حزناً شديداً، وجرى عليهم ما جرى على من كان قبلهم، الله ما أحزنهم ما أحزن الناس، ولكن أبكاهم وأحزنهم الخوف من النار.
وروى ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن نحوه.
وروى ابن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال سمعت عبد الله بن حنظلة يوماً، وهو على فراشه، وعدته من علته، فتلا رجل عنده هذه الآية: