فهذه الأحاديث وما معناها، تدل على أن أكثر بني آدم من أهل النار، وتدل أيضاً على أن أتباع الرسل قليل بالنسبة إلى غيرهم، وغير أتباع الرسول كلهم في النار، إلا من لم تبلغه الدعوة، أو لم يتمكن من فهمها، على ما جاء فيهم من الاختلاف، والمنتسبون إلى اتباع الرسول، كثير منهم من تمسك بدين منسوخ، وكتاب مبدل، وهم أيضاً من أهل النار، كما قال تعالى:
{ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} .
وأما المنتسبون إلى الكتاب المحكم، والشريعة المؤيدة، والدين الحق، فكثير منهم من أهل النار أيضاً، وهم المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار، وأما المنتسبون إليه ظاهراً وباطناً، فكثير منهم فتن بالشبهات، وهم أهل البدع والضلال.
وقد وردت الأحاديث على أن هذه الأمة ستفترق على بضع وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة، وكثير منهم أيضاً فتن بالشهوات المحرمة المتوعد عليها بالنار ـ وإن لم يقتض ذلك الخلود فيها ـ فلم ينج من الوعيد بالنار، ولم يستحق الوعد المطلق بالجنة من هذه الأمة، إلا فرقة واحدة، وهو ما كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ظاهراً وباطناً، وسلم من فتنة الشهوات والشبهات، وهؤلاء قليل جداً، لا سيما في الأزمان المتأخرة والقرآن يدل على أن أكثر الناس هم أهل النار، وهم الذين اتبعوا الشيطان، كما قال تعالى:
{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين}
وقال تعالى:{لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} .
فأما عصاة الموحدين، فأكثر من يدخل النار منهم النساء، كما في الصحيحين، «عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه