للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين إن شاء الله، فأعاد عليه عمر، فأعاد عليه الرجل مثل ذلك ثلاث مرات، فقال إذا أبيت إلا أن أخبرك، فإني ذقت حلاوة الدنيا، فصغر في عيني زهرتها وملاعبها، واستوى عندي حجارتها وذهبها، ورأيت كأن الناس يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار، فأسهرت لذلك ليلى، واظمأت له نهاري، وكل ذلك صغير حقير في جنب عفو الله وثواب الله عز وجل وجنب عقابه.

وهذا الكلام يشبه حديث حارثة المشهور، وهو حديث روي من وجوه مرسلاً، وروي مسنداً متصلاً من «رواية يوسف بن عطية الصفار، وفيه ضعف، عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لشاب من الأنصار: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمناً بالله حقاً، قال: انظر ما تقول، فإن لكل قول حقيقة قال: يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني بعرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار يتعاؤون فيها، قال: أبصرت فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه» والمرسل أصح.

وقال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا علي بن أبي الحر، قال: أوحى الله إلى يحيى بن زكريا عليه السلام: يا يحيى، وعزتي، لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعة، لذاب جسمك، ولزهقت نفسك اشتياقاً، ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت بالصديد بعد الدموع، وللبست الحديد بعد المسوح.

وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن سفيان، قال: كان عمر بن عبد العزيز ساكتاً وأصحابه يتحدثون، فقالوا: مالك لا تتكلم يا أمير المؤمنين، قال: كنت مفكراً في أهل الجنة كيف يتزاورون فيها، وفي أهل النار كيف يصطرخون فيها، ثم بكى.

<<  <   >  >>