جميلا، وأهدى إلى الرسول الكريم عددا من الهدايا فقبلها، ومن هذا المنظور التاريخى عالج ابن الكندى أيضا موقف وزراء مصر في القديم؛ وبين أن الله سبحانه أثنى عليهم في كتابه الكريم لأنهم قدموا النصح لفرعون، قال تعالى حكاية عن فرعون: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (٣٥) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧)} [الشعراء: ٣٤ - ٣٧]. وهنا يتساءل ابن الكندى أيضا: فهل في الدنيا جلساء ملك أرجح عقلا وأحسن محضرا منهم؟. وذلك على العكس من وزراء نمرود الذين حرضوه على البغى والقتل حين شاورهم في أمر إبراهيم عليه السلام. قال تعالى حكاية عنهم: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨)} [الأنبياء: ٦٨].
وعالج ابن الكندى في ضوء هذا المنهج من أنجبته مصر من الحكماء، فذكر منهم: نيروز أبو بختنصر وكان رجلا من أهل العلم، والاسكندر ذو القرنين ونسب إليه بناء عدة مدن كسمرقند والإسكندرية ببلاد الخزر وغيرهما.
ثم أعقب ذلك يذكر عدد من فلاسفة الإغريق وعلمائهم ممن كانوا بمصر ووضعوا مؤلفات في الفلك والهندسة والطبيعة والطب وغيرها. وأشاد ابن الكندى ببلده مصر حين ذكر أن هؤلاء الفلاسفة والعلماء سكنوا مصر في العصور السالفة فما غيرت أذهانهم ولا أضرت بعقولهم.
ويمضى ابن الكندى في كتابه ليصل إلى العصر الإسلامي فيذكر عددا من الصحابة الذين وفدوا إلى مصر مع عمرو بن العاص أثناء الفتح كما يذكر عددا منهم بلغوا الثمانين رجلا ممن وقف على إقامة المسجد الجامع.
كما أشاد بعد ذلك بمن أنجبته مصر من الفقهاء والعلماء، فجعل يزيد بن أبى حبيب في قمة فقهاء وعلماء مصر وقتئذ، كما جعل الليث بن سعد ثانى اثنين من فقهاء مصر وعلمائها في عصره، أما ابن لهيعة فقد وصفه بعلو منزلته في الفقه والحديث والأخبار. ثم ذكر بعدهم طائفة أخرى من علماء مصر من أمثال