للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

ومرتع خيل، وصائد بحر، وقانص وحش وملاح سفينة، وحادي إبل، ومفازة رمل وسهلا وجبلا في أقل من ميل في ميل (١).

وذكر أنه صورت للرشيد صورة الدنيا فما استحسن منها غير بلد أسيوط، وذلك أن مساحته ثلاثون ألف فدان في دست واحد، لو قطرت قطرة فاضت على جميع جوانبه، ويزرع فيه الكتان والقمح والقرط (٢) وسائر أصناف الغلات فلا يكون على وجه الأرض بساط أعجب منه، ويسايره من جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان (٣)، كأنه قرنان، ويحف به من جانبه الشرقي النيل، كأنه جدول فضة، لا يسمع فيه الكلام من شدة أصوات الطير.

وأجمع الناس أنه ليس على وجه الدنيا بساط قرط فيه خيل موقوفة وخيام مضروبة، ونتاج، ومهارى، وسائمة، وقهارمة، إلا بمصر.

[ذكر ما ورد في نيل مصر]

وأما نيلها، فروى ابن لَهِيعة: أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب: أسألك بالله العظيم يا كعب، هل تجد لنيل مصر في كتاب الله خيرًا؟ قال: إي والذي فلق البحر لموسى عليه السلام! إني لأجد في كتاب الله عز وجل أن الله يوحى إليه عند جريه: إن الله يأمرك أن تجري كذا وكذا، فاجر على اسم الله، ثم يوحى إليه عند انتهائه: إن الله يأمرك أن ترجع، فارجع راشدًا (٤).

وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أربعة أنهار من الجنة سيحان وجيحان والنيل والفرات" (٥).


(١) ابن سعيد: المغرب، ص ٣ - ٤ وهو ينقل عن ابن الكندى.
(٢) القرط: علف الماشية.
(٣) الطيلسان: ضرب من الأوشحة يحيط بالبدن، خال من التفصيل والحياكة.
(٤) ذكر ذلك: المقريزى في الخطط ١/ ٥٠، وابن ظهيرة في: محاسن مصر والقاهرة ١٥٨، والسيوطى في: حسن المحاضرة ١/ ٢٠، وابن تغرى بردى في: النجوم الزاهرة ١/ ٣٣.
(٥) أخرجه صاحب الكنز برقم ٣٥٣٣٥.