للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

ورى أن الله تعالى خلق نيل مصر معادلا لأنهار الدنيا ومياهها، فحين يبتدئ في الزيادة تنقص كلها لمادته، وحين ينقصى تمتلئ كلها.

وذكر أبو قبيل (١)، أن نيل مصر في زيادته يفور كله من أوله إلى آخره. وقال ابن لهيعة: كان لنيل مصر قطيعة (٢) على كور مصر، مائة ألف وعشرين ألف رجل، معهم المساحى (٣)، والآلات سبعون ألفًا للصعيد، وخمسون ألفًا لأسفل الأرض لحفر الخلج وإقامة الجسور والقناطر (٤) وسد الترع، وقطع القضب (٥) والحلفاء، وكل نبت مضر بالأرض.

وقال محفوظ (٦) بن سليمان: إذا تم الماء ست عشرة (٧) ذراعًا فقد وفى خراج مصر، فإذا زاد بعد ذلك ذراعًا واحدة زاد في الخراج مائة ألف دينار لما يروى من الأعالي (٨)، فإن زاد بعد ذلك ذراعًا أخرى نقص مائة ألف من


(١) هو حُيَيّ بن هانئ بن ناضر - بالضاد المعجمة - أبو قبيل المعافرى: قدم مصر زمن معاوية وكان له علم بالملاحم والفتن. توفى بالبرلس سنة ١٧٨ هـ (المزى: تهذيب الكمال ٧/ ٤٩٠).
(٢) القطيعة بمعنى الفريضة، أي عدد العمال الذين يفرض على الكور أعدادهم.
(٣) المساحى: جمع مسحاة؛ وهى أداة تجرف بها الأرض.
(٤) إلى هنا انتهى الموجود من نسخة "ج".
(٥) القضب: كل شجرة طالت وبسطت أغصانها.
(٦) محفوظ بن سليمان، عامل خراج مصر في عهد هارون الرشيد ولاه سنة ١٨٧ هـ ثم عزله؛ وأعيد في عهد الخليقة الواثق، واستمر في ولايته بمصر حتى مات سنة ٢٥٤ هـ (الكندى: ولاة مصر ١٦٦، ١٦٧ وابن إياس ١/ ١٥٨، ١٥٩).
(٧) في أ "إذا تم النيل عشرون ذراعا" والمثبت في ب ومثله لدى ابن ظهيرة ص ١٦٠ من قول محفوظ بن سليمان كذلك. وانظر المقريزى في الخطط ١/ ٦٠.
(٨) في أ "من الأعمال" والمثبت في ب.