للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

وقال خالد بن يزيد (١): كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه (٢).

وروى عن شُفَيّ (٣) بن عُبيد الأصبحي، أنه قال: مصر بلدة معافاة من الفتن لا يريدهم أحد بسوء إلا صرعه الله، ولا يريد أحد هُلْكهم إلا أهلكه الله.

وذكر أهل العلم أنه مكتوب في التوراة: بلد مصر خزانة الله، فمن أرادها بسوء قصمه الله.

وقال أبو الربيع السائح: نعم البلد مصر، يحج منها بدينارين، ويغزى منها بدرهمين. يريد الحج في بحر القُلْزُم (٤)، والغزو إلى الإسكندرية وسائر سواحل مصر (٥).

وذكر يحيى بن عثمان، عن أحمد بن عبد الكريم، قال: جلت الدنيا، ورأيت أهلها، ورأيت آثار الأنبياء والملوك والحكماء، ورأيت بناء كسرى وقيصر وغيرهما من ملوك الأرض، ورأيت آثار سليمان بن داود عليهما السلام ببيت المقدس وتدمر، والأردن، وما بنته الشياطين بتدبير النبوة، فلم أر مثل برابي مصر على حكمتها، ولا مثل الآثار التي بها، والأبنية التي لملوكها وحكمائها.

[كور مصر]

وبمصر ثمانون كورة، ليس منها كورة إلا وفيها طرائف وعجائب


(١) هو: خالد بن يزيد الجمحى أبو عبد الرحمن المصرى. روى عن عطاء، وعنه الليث. مات سنة ١٣٩ هـ (حسن المحاضرة ١/ ٣٠٠).
(٢) ذكر ذلك ابن تغرى بردى في: النجوم الزاهرة ١/ ٣١، والسيوطى في: حسن المحاضرة ١/ ٢١ والمقريزى في: الخطط ١/ ٢٧، والنويرى في: نهاية الأرب ١/ ٣٤٨.
(٣) في: أ "سعد" تحريف، والصواب في: ب، ج وحسن المحاضرة ١/ ٢٢.
(٤) القلزم: مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر ينسب إليها البحر المُسَمَّى اليوم البحر الأحمر (فتوح البلدان ص ٧٦٦، وياقوت ٤/ ٣٧٨).
(٥) حسن المحاضرة جـ ١ ص ٢٢.