للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

وبُثُوق (١) الأنهار، وقحط الأمطار، وقد اكتنفها معادن رزقها؛ وقرب تصرفها، فكثر خصبها، ورغد عيشها، ورخص سعرها (٢).

وقال سعيد بن أبي هلال (٣): مصر أم البلاد، وغوث العباد. وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها (٤).

وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة (٥).

وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين [بلاد (٦)] الدنيا لغني أهلها بما فيها عن سائر [بلاد (٧)] الدنيا.

ورى عن حَيْوة بن شُريح، عن عُقبة بن مُسلم (٨)، حديث، يرفعه إلى الله عز وجل يقول يوم القيامة لساكني مصر فيما يعدد عليهم من نعمته "ألم أسكنكم مصر، فكنتم تشبعون من خبزها وتروَوْن من مائها، أمسكوا على أفواهكم" (٩).

وقال يحيى بن سعيد: جلت البلاد فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر.


= طوال الفترة التي سبقت اعتناقهم للدين الإسلامي، أي إلى ما قبل نهاية القرن الثالث الهجرى بقليل (الرافعى: التدوين في أخبار قزوين ١/ ٣١، ٣٧، ٣٨).
(١) بَثَق الماء بُثُوقا: اندفع فجأة. وبثق النهر ونحوه: كسر شطه (المعجم الوسيط: بثق).
(٢) ذكر ذلك السيوطى في: حسن المحاضرة ٢/ ٣٢٩. ونسب هذا النص إِلى الكندى.
(٣) سعيد بن أبي هلال الليثى أبو العلاء المصرى. روى عن نافع، وعنه الليث مات سنة ١٤٩ هـ (حسن المحاضرة ١/ ٢٧٤).
(٤) حسن المحاضرة ١/ ٢١.
(٥) نهاية الأرب ١/ ٣٤٨.
(٦) تكملة عن: حسن المحاضرة ٢/ ٣٣٠، ونهاية الأرب ١/ ٣٥٥.
(٧) حسن المحاضرة ١/ ٢٢.
(٨) عقبة بن مسلم التجيبى أبو محمد المصرى القاصّ، إمام مسجد الجامع العتيق بمصر.
توفى قريبا من سنة ١٢٠ هـ (المزى: تهذيب الكمال ٢٠/ ٢٢٢).
(٩) أورده السيوطى في حسن المحاضرة ١/ ٢٢ بسنده ونصه. ولم أهتد إلى تخريجه فيما بين يدى من كتب الحديث.