للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيالها من فواقر عظيمة أصيبت بها الأمة في الصميم من خلال هؤلاء {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (١).

على ضوء كل ما سبق من وصف الإطار الفكرى الغربي والفلاسفة الغربيين، ثم تلامذتهم في المشرق، يتبين لنا أن موقفهم من النبوة والنبوات سيكون تابعًا لذلك الإطار ولأولئك الفلاسفة، في الأصول والتعريفات.

ومن ذلك الجحد الكامل للرسالات والتشكيك في وجود الرسل وفي صدقهم.

وكلامهم في هذا الصدد متنوع ومتعدد، بيد أن من أوائل من فتح لهم هذا الباب هو طه حسين الذي اصطنع الشك بل استنسخ الشك من ديكارت، ليسلطه على الحقائق الدينية والتاريخية، بل حتى على بعض المسائل الاعتقادية كما هو الشأن في هذه القضية التي نحن بصددها، وذلك حين ادعى أن القرآن والتوراة لا يكفيان حين يتحدثان عن إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام لإثبات وجودهما التاريخي، فضلًا عن إثبات هذه القصة التي تتحدث عن هجرة إسماعيل إلى مكة، والنتيجة المترتبة على ذلك من انتساب العرب المستعربة إلى إسماعيل، وادعى أن هذه القصص منتحلة وضعها اليهود الذين يستوطنون شمالي البلاد العربية، وأن القرآن إنّما اصطنع هذه القصص احتيالًا لإثبات الصلة بين الإسلام واليهودية أو بين القرآن والتوراة والعرب واليهود (٢).

وقد كتبت لجنة العلماء في مصر تقريرًا مفصلًا عن كتاب "في الشعر الجاهلي" الذي ذكر فيه القول الشنيع عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وقد قررت اللجنة أن الكتاب (كله مملوء بروح الإلحاد والزندقة، وفيه مغامز عديدة ضد الدين مبثوثة فيه لا يجوز بحال أن تلقى إلى تلامذة لم يكن


(١) الآية ٤ من سورة المنافقون.
(٢) انظر: الصراع بين القديم والجديد ٢/ ١٠٩٥، ونقد كتاب في الشعر الجاهلي لمحمد فريد وجدي: ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>