والهدى ويعرف الحق عن طريق الوحي المعصوم، ويعتبر ذلك سبيل فلاحه في الدنيا والآخرة ومصدر معرفته ومعيار أحكامه وأقواله وأعماله.
أمّا الذين مسخوا من أبناء المسلمين فقد تجارت بهم الأهواء المادية تجاري الكَلَب بصاحبه حتى لم يذر عرقًا ولا مفصلًا إلا دخله، وهذه الأهواء هي الداء المبير، والشر المستطير، والفساد الكبير التي أحالت حياة هؤلاء إلى ما يشبه حياة القطيع الذي يسير وقد أعار عقله ولبه لغيره، وقد استحالت أعمالهم وكتاباتهم إلى وسائط لنقل عقائد وأفكار الآخرين كالذي يقوم على خشبة المسرح بأدوار التمثيل التي لقّنه وحفّظه المخرج.
ويحاولون مع ذلك صبغ أعمالهم المستقذرة المنبوذة الكريهة بأصباغ مخادعة كاذبة من دعاوى الدقة والاستيعاب والتمحيص والمهارة والحذق والذكاء والموضوعية، ثم يزداد الأمر بشاعة حين يزعم بعضهم مع اندراجه داخل ذلك الإطار الإلحادي إنه ما زال مسلمًا، ولا يحق لأحد نزع هذه الصفة عنه: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} (١).
وأمثال هؤلاء الحداثيين ممن نشأ في لسان أمته، وتعليم بلاده، حتى إذا بلغ عمر التنقل والرحلة ذهب إلى بلاد الغرب وتلقى مناهجهم وعقائدهم، حتى إذا استوى عوده وبلغ أشده أعادوه إلى بلاد المسلمين ليكون لأمته عدوًا وحزنًا، وأمدوه بما يحتاج من دعم مادي ومعنوي، فإذا هو قادر أو مُفترض أنه قادر تمام القدرة على منازلة الأمة في عقيدتها وشريعتها وأخلاقها وقيمها وتاريخها، ومؤهل أو مُفترض أنه مؤهل ليقود معركة بالنيابة عن أساتذته ضد أمته، مفارق كل المفارقة أو بعض المفارقة -وكلا الأمرين سواء- للعقيدة وأصولها والشريعة وأحكامها والأخلاق وضوابطها.
ولا يلبث غير زمن يسير حتى يصبح في وسائل الأعلام المثقف والمفكر والمنهجي والمؤرخ والاجتماعي، والمستشار في قضايا الأمة!!