للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغني عن الإعادة أن هذه الأقوال المطلقة من أي دليل أو مستند، هي مجرد دعوى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يريد فرض مفاهيمه عن التقدم والتخلف كمسلمات وحقائق ثابتة لا نقاش حولها، ولذلك نجد الإمعات من أتباع الحداثة يأخذون هذه على بساط التسليم والمتابعة، رغم ادعائهم استخدام العقل والمنطق والدراسات الموضوعية!!.

وفي سياق تمرير أدونيس لعقائده من خلال شخصيات أخرى تشابه في المنزع والغاية يأتي بجبران خليل جبران فيجعل من دراساته مثلًا لـ "الثورة على الشريعة" (١) و"الثورة على الأسباب العميقة التي تكمن وراءها" (٢) و"الثورة على الماضي" (٣) و"التحرر من التقاليد" (٤).

ثم يورد مقطوعة من كلامه ليصل من خلالها إلى المقصد من كل هذه المقدمات قائلًا: (في هذه المقطوعة يسمي اللَّه والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظًا رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة،. . . والتمسك بهذه التقاليد موت والمتمسكون بها أموات، وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور، لكي يدفن أولًا هذه التقاليد، كمقدمة ضرورية لتحرره) (٥).

وهذا القول منه ليس سوى تعبير جديد لمضمون قديم قاله أعداء الرسل والرسالات، كما أخبر اللَّه سبحانه في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٦٠)} (٦).

وليس معهم سوى مجرد الشتم والادعاء قديمًا وحديثًا، وفي سياق تشبث أدونيس بأي شاهد يساعده في تثبيت إلحاده وكفره بالرسل والرسالات


(١) و (٢) و (٣) و (٤) و (٥) المصدر السابق ٣/ ١٨٧.
(٦) الآيتان ٥٩، ٦٠ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>