للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصف أدونيس مواقف الرصافي -وفي وصفه تعبير عن اعتقاده هو وموقفه من الدين- فيقول: (الأديان بالنسبة إليه ليست موحاة، وإنّما هي وضع قام به أشخاص أذكياء، وإذ ينكر الوحي ينكر بالضرورة النبوة، وينكر وجود الأنبياء والنتيجة الطبيعية لإنكار الدين، وحيًا ونبوة، هي إنكار التعاليم أو المعتقدات التي جاء بها) (١).

ويلتفت أدونيس من الجحد الكامل للنبوة، إلى استخدام التدنيس والاستخفاف بابًا آخر للجحد والإنكار، وذلك حين يجعل نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بديلًا عن ثقافة الجاهليين المتمثلة في الشعر، أي أن النبوة حلت مكان الشعر وأزاحته ليس لأنها حق ووحي من اللَّه، ولكن لأنها "حدس معرفي" لا أقل ولا أكثر، يقول: (الشعر في الجاهلية فاعلية أولى في مستوى العمل والحلم والدين، أي في مستوى الطبيعة والغريزة، فهو حدس أساسي في المعرفة، بل هو الحدس الأكمل، غير أن النبوة في الإسلام هو الحدس الوحيد، والمعرفة كلها تصدر عن هذا الحدس، وهكذا حلت النبوة محل الشعر، وتراجع الشعر إلى مستوى الفاعلية الثانية) (٢).

وإذا كان هذا تأصيله في تلمود الحداثة، فإنه يمارس ذلك أيضا فيما يطلق عليه "شعر الحداثة" وفي ذلك يقول كاذبًا على لسان آدم عليه الصلاة والسلام:

(وشوشني آدم

بغصة الآه

بالصمت بالأنَّه:

"لست أبا العالم

لم ألمح الجنة


(١) المصدر السابق ٣/ ٦٥.
(٢) المصدر السابق ٣/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>