مفعولاً لقول محذوف والتقدير:"وقالوا: لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً"، ثم قال:(قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) ولكن هذا القول وإن قال به بعض المفسرين فالصواب خلافه وأن قوله: (ولبثوا) من قول الله، ويكون قوله:(الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) من باب التوكيد أي: توكيد الجملة أنهم لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً، والمعنى:(قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) وقد أعلَمَنا أنهم لبثوا (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) وما دام الله أعلم بما لبثوا فلا قول لأحد بعده.
قال الله عز وجل:(له غيب السماوات والأرض) أي له ما غاب في السموات والأرض، أو له علم غيب السموات والأرض، وكلا المعنيين حق، والسموات جمع سماء وهي سبع كما هو معروف، والأرض هي أيضاً سبع أرَضين (١)، فلا يعلم الغيب - علم غيب السموات والأرض - إلَاّ الله، فلهذا من ادعى علم الغيب فهو كافر، والمراد بالغيب المستقبل، أما الموجود أو الماضي فمن ادعى علمهما فليس بكافر؛ لأن هذا الشيء قد حصل وعلمه من علمه من الناس، لكن غيب المستقبل لا يكون إلَاّ لله وحده، ولهذا من أتى كاهناً يخبره عن المستقبل وصدَّقه فهو كافر بالله عز وجل؛ لأنه مكذب لقوله تعالى:(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ)(النمل: الآية ٦٥)، أما ما كان واقعاً؛
(١) لقوله صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع شبراً من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين". رواه مسلم: كتاب: المساواة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها. (١٦١٠)، (١٣٧). وأصله عند البخاري: كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين (٣١٩٨). وغيره.