للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه من المعلوم أنه غيب بالنسبة لقوم وشهادة بالنسبة لآخرين.

(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هذا يسميه النحويون فعل تعَجُّب.

(أَبْصِرْ بِهِ) بمعنى ما أبصره.

(وَأَسْمِعْ) بمعنى ما أسمعه، وهو أعلى ما يكون من الوصف، والله تبارك وتعالى يبصر كل شيء، يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في ظلمة الليل، ويبصر ما لا تدركه أعين الناس مما هو أخفى وأدق، وكذلك في السمع، يسمع كل شيء، يعلم السر وأخفى من السر ويعلم الجهر) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) (طه: ٧). تقول عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة التي ظاهر منها زوجها، وجاءت تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة في الحجرة، والحجرة صغيرة كما هو معروف، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحاور المرأة وعائشة يخفى عليها بعض الحديث، والله يقول: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة: ١). تقول عائشة رضي الله عنها "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي الحجرة وإنه ليخفى عليَّ بعض حديثها" (١)،

والله


(١) رواه الإمام أحمد (٢٤١٩٥) والنسائي: كتاب: الطلاق، باب: الظهار، (٣٤٩٠). وابن ماجه: كتاب: المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، (١٨٨). وكلهم بأتم مما ذكر البخاري. ولفظهم أن عائشة رضي الله عنها قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها وما أسمع ما تقول فأنزل الله: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) (المجادلة: من الآية ١) إلى آخر الآية ..

<<  <   >  >>