(كَذَا جمع بَينهمَا ابْن الصّلاح تبعا لغيره) وَحَاصِله: أَن النَّفْي فِي قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لِما كَانَ يَعْتَقِدهُ أهل الْجَاهِلِيَّة وبعضُ الْحُكَمَاء الفلسفية، وأرباب الْعُلُوم الرياضية والطبيعية، من أَن هَذِه الْأَمْرَاض من الجُذَام والبَرَص تُعدي بالطبع، / ٧٥ - ب / كَمَا زَعَمُوا أَن المَاء بالطبع يُغرِق، وَالنَّار بالطبع يُحرق. وَقد ردهما الله عز وَجل بكتابه أبلغ رد فِي قصَّة إِبْرَاهِيم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَأَن الْإِثْبَات فِي الحَدِيث الثَّانِي بِاعْتِبَار السَّبَب العادي فِي جعل ذَلِك، ولكونه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] رَحمَه للْعَالمين حذَّر أمته المرحومة من الضَّرَر الَّذِي يُوجد عِنْده عَادَة بِفعل الله تَعَالَى. وَفِي التَّشْبِيه بالأسد [٧٩ - أ] إِيمَاء إِلَى ذَلِك. وَقد يُقَال: [الْجمع بَينهمَا] بِأَن النَّفْي للاعتقاد، والأمرَ بالفرار للْفِعْل، كَمَا نَهى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن الدُّخُول فِي بلدِ الطَّاعُون مَعَ أَن المعتقد أنْ لَا تَأْثِير لغير الله تَعَالَى، وَأَنه: {إِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وَالظَّاهِر أَن الْأَمر بالفرار رخصَة للضعفاء، وَلذَا خصّه بالمخاطب. وَأما الكاملون المتوكلون، فَلَا حَرج فِي حَقهم إِذْ صَحَّ أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أكل مَعَ مجذوم وَقَالَ: " باسم الله، ثِقَة بِاللَّه وتوكلاً عَلَيْهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره. وَأما مَا ورد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute