للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ لمجذوم جَاءَ ليبايعه، فَلم يمدّ يَده إِلَيْهِ وَقَالَ: " وَقد بَايَعت " فَمَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز، أَو على اخْتِلَاف الْحَال. فَفِي الأول نَظَرَ إِلَى المسبِّب الْمُنَاسب لمقام الْجمع، وَفِي الثَّانِي: نَظَرَ إِلَى السَّبَب الملائم لمقام التَّفْرِقَة، وَبَين أَن كُلاّ من المقامين حق.

(وَالْأولَى) أَي عِنْد المُصَنّف، (فِي الْجمع بَينهمَا أَن يُقَال: / إِن نَفْيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] باقٍ للعدوى على عُمُومه) وَفِيه أَنه على تَقْدِير الأول أَيْضا باقٍ على عُمُومه، لِأَن كَلَام ابْن الصّلاح لَيْسَ تَخْصِيصًا، بل هُوَ تَأْوِيل وَصرف عَن ظَاهره، ضَرُورَة الْجمع بَينه وَبَين معارضه، لَكِن المفهومَ من كَلَامه الْآتِي أَنه أَرَادَ بقوله: على عُمُومه، ظاهَره الْعَام، أَي لَا وجود للعدوى أصلا لَا بالطبع، وَلَا بِالسَّبَبِ.

(وَقد صَحَّ قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لَا يُعْدي شَيْء شَيْئا ") أَرَادَ بِهِ أَنه مُؤيد لبَقَائه على عُمُومه. وَفِيه أَنه لَا فرق بَين هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث: " لَا عدوى " بل هُوَ أبلغ من هَذَا. قَالَ محشٍ: فَإِن قلت: هَذَا أَيْضا يقبل تأويلَ ابْن الصّلاح، قلت: سلمناه، لكّن تعدد عباراتِ الحَدِيث وتكررَها يدل على أَن المُرَاد بهَا مَا يتَبَادَر مِنْهَا،

<<  <   >  >>