حَتَّى مَلأ مِنْهَا خبايا ثمَّ رَحل إِلَى مَالك بِالْمَدِينَةِ ولازمه مُدَّة ثمَّ قدم بَغْدَاد سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة فَأَقَامَ بهَا سنتَيْن وَاجْتمعَ عَلَيْهِ علماؤها وَرجع كثير مِنْهُم عَن مَذَاهِب كَانُوا عَلَيْهَا إِلَى مذْهبه وصنف بهَا كِتَابه الْقَدِيم ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة فَأَقَامَ بهَا شهرا ثمَّ خرج إِلَى مصر وَلم يزل بهَا ناشرا للْعلم ملازما للاشتغال بجامعها الْعَتِيق إِلَى أَن أَصَابَته ضَرْبَة شَدِيدَة فَمَرض بِسَبَبِهَا أَيَّامًا على مَا قيل ثمَّ انْتقل إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَهُوَ قطب الْوُجُود يَوْم الْجُمُعَة سلخ رَجَب سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَدفن بالقرافة بعد الْعَصْر من يَوْمه وانتشر علمه فِي جَمِيع الْآفَاق وَتقدم على الْأَئِمَّة فِي الْخلاف والوفاق وَعَلِيهِ حمل الحَدِيث الْمَشْهُور عَالم قُرَيْش يمْلَأ طباق الأَرْض علما وَمن كَلَامه رَضِي الله عَنهُ
أمت مطامعي فأرحت نَفسِي
فَإِن النَّفس مَا طمعت تهون ... وأحييت القنوع وَكَانَ مَيتا
فَفِي إحيائه عرضي مصون ... إِذا طمع يحل بقلب عبد
علته مهانة وعلاه هون
وَله أَيْضا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
مَا حك جِلْدك مثل ظفرك
فتول أَنْت جَمِيع أَمرك ... وَإِذا قصدت لحَاجَة
فاقصد لمعترف بقدرك
وَقد أفرد بعض أَصْحَابه فِي فَضله وَكَرمه وَنسبه وأشعاره كتبا مَشْهُورَة وَفِيمَا ذكرته تذكرة لأولى الْأَلْبَاب وَلَوْلَا خوف الْملَل لشحنت كتابي هَذَا مِنْهَا بِأَبْوَاب وَذكرت فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره مَا فِيهِ الْكِفَايَة وَيكون ذَلِك الْمُخْتَصر فِي غَايَة الِاخْتِصَار أَي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute