للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدُخُولِهِ عَن علم أَي مُشَاهدَة كَأَن قَالَ رَأَيْت الْفجْر طالعا أَو الشَّفق غاربا فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بقوله إِن لم يُمكنهُ الْعلم بِنَفسِهِ وَجَاز إِن أمكنه وَفِي الْقبْلَة لَا يعْتَمد الْمخبر عَن علم إِلَّا إِذا تعذر علمه وَفرق بَينهمَا بِتَكَرُّر الْأَوْقَات فيعسر الْعلم بِكُل وَقت بِخِلَاف الْقبْلَة فَإِنَّهُ إِذا علم عينهَا مرّة اكْتفى بهَا مَا دَامَ مُقيما بمحله فَلَا عسر وَلَا يجوز لَهُ أَن يُقَلّد من أخبرهُ عَن اجْتِهَاد لِأَن الْمُجْتَهد لَا يُقَلّد مُجْتَهدا حَتَّى لَو أخبرهُ عَن اجْتِهَاد أَن صلَاته وَقعت قبل الْوَقْت لم يلْزمه إِعَادَتهَا وَهل يجوز للبصير تَقْلِيد الْمُؤَذّن الثِّقَة الْعَارِف أَو لَا

قَالَ الرَّافِعِيّ يجوز فِي الصحو دون الْغَيْم لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهد وَهُوَ لَا يُقَلّد مُجْتَهدا وَفِي الصحو مخبر عَن عيان وَصحح النَّوَوِيّ جَوَاز تَقْلِيده فِيهِ أَيْضا وَنَقله عَن النَّص فَإِنَّهُ لَا يُؤذن فِي الْعَادة إِلَّا فِي الْوَقْت فَلَا يتقاعد عَن الديك المجرب

قَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ وَلَعَلَّه إِجْمَاع الْمُسلمين وَلَو كثر المؤذنون وَغلب على الظَّن إصابتهم جَازَ اعتمادهم مُطلقًا بِلَا خلاف وَلَو صلى بِلَا اجْتِهَاد أعَاد مُطلقًا لتَركه الْوَاجِب وعَلى الْمُجْتَهد التَّأْخِير حَتَّى يغلب على ظَنّه دُخُول الْوَقْت وتأخيره إِلَى خوف الْفَوات أفضل وَيعْمل المنجم بِحِسَابِهِ جَوَازًا وَلَا يقلده غَيره على الْأَصَح فِي التَّحْقِيق وَغَيره والحاسب وَهُوَ من يعْتَمد منَازِل النُّجُوم وَتَقْدِير سَيرهَا فِي معنى المنجم وَهُوَ من يرى أَن أول الْوَقْت طُلُوع النَّجْم الْفُلَانِيّ كَمَا يُؤْخَذ من نَظِيره فِي الصَّوْم

القَوْل فِي الْقبْلَة ومراتها (وَفِي) الْخَامِس (اسْتِقْبَال الْقبْلَة) بالصدر لَا بِالْوَجْهِ لقَوْله تَعَالَى {فول وَجهك شطر} أَي نَحْو {الْمَسْجِد الْحَرَام} والاستقبال لَا يجب فِي غير الصَّلَاة فَتعين أَن يكون فِيهَا

وَقد ورد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للمسيء صلَاته وَهُوَ خَلاد بن رَافع الزرقي الْأنْصَارِيّ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبغ الْوضُوء ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

وَرُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركع رَكْعَتَيْنِ قبل الْكَعْبَة أَي وَجههَا

وَقَالَ هَذِه الْقبْلَة مَعَ خبر صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي

فَلَا تصح الصَّلَاة بِدُونِهِ إِجْمَاعًا وَالْفَرْض فِي الْقبْلَة إِصَابَة الْعين فِي الْقرب يَقِينا وَفِي الْبعد ظنا فَلَا تَكْفِي إِصَابَة الْجِهَة لهَذِهِ الْأَدِلَّة فَلَو خرج عَن محاذاة الْكَعْبَة بِبَعْض بدنه بِأَن وقف بطرفها وَخرج عَنهُ بِبَعْضِه بطلت صلَاته وَلَو امْتَدَّ صف طَوِيل بِقرب الْكَعْبَة وَخرج بَعضهم عَن الْمُحَاذَاة بطلت صلَاته لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقْبلا لَهَا وَلَا شكّ أَنهم إِذا بعدوا عَنْهَا حاذوها وَصحت صلَاتهم وَإِن طَال الصَّفّ لِأَن صَغِير الحجم كلما زَاد بعده زَادَت محاذاته كغرض الرُّمَاة وَاسْتشْكل بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يحصل مَعَ الانحراف وَلَو اسْتقْبل الرُّكْن صَحَّ كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبل للْبِنَاء المجاور للركن وَإِن كَانَ بعض بدنه خَارِجا عَن الرُّكْن من الْجَانِبَيْنِ بِخِلَاف مَا لَو اسْتقْبل الْحجر بِكَسْر الْحَاء فَقَط فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي لِأَن كَونه من الْبَيْت مظنون لَا مَقْطُوع بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ثَبت بالآحاد

تَنْبِيه أسقط المُصَنّف شرطا سادسا وَهُوَ الْعلم بكيفية الصَّلَاة بِأَن يعلم فرضيتها ويميز فَرضهَا من سننها نعم إِن اعتقدها كلهَا فرضا أَو بَعْضهَا وَلم يُمَيّز وَكَانَ عاميا وَلم يقْصد فرضا بنفل صحت

القَوْل فِي الصَّلَاة الَّتِي يجوز ترك الْقبْلَة فِيهَا (وَيجوز) للْمُصَلِّي (ترك) اسْتِقْبَال (الْقبْلَة فِي حالتين) الْحَالة الأولى (فِي) صَلَاة (شدَّة الْخَوْف) فِيمَا يُبَاح من قتال أَو غَيره فرضا كَانَت أَو نفلا فَلَيْسَ التَّوَجُّه بِشَرْط فِيهَا لقَوْله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ فرجالا أَو ركبانا}

قَالَ ابْن عمر مستقبلي الْقبْلَة وَغير مستقبليها رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير

قَالَ فِي الْكِفَايَة نعم إِن قدر أَن يُصَلِّي قَائِما إِلَى غير الْقبْلَة وراكبا إِلَى الْقبْلَة وَجب الِاسْتِقْبَال رَاكِبًا لِأَنَّهُ آكِد من الْقيم لِأَن الْقيام يسْقط فِي النَّافِلَة بِغَيْر عذر بِخِلَاف الِاسْتِقْبَال

<<  <  ج: ص:  >  >>