للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) الْحَالة الثَّانِيَة فِي (النَّافِلَة فِي السّفر) الْمُبَاح لقاصد مَحل معِين لِأَن النَّفْل يتوسع فِيهِ كجوازه قَاعِدا للقادر فللمسافر الْمَذْكُور التَّنَفُّل مَاشِيا وَكَذَا (على الرَّاحِلَة) لحَدِيث جَابر كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي على رَاحِلَته حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ

أَي فِي جِهَة مقْصده فَإِذا أَرَادَ الْفَرِيضَة نزل فَاسْتقْبل الْقبْلَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَجَاز للماشي قِيَاسا على الرَّاكِب بل أولى

وَالْحكمَة فِي التَّخْفِيف فِي ذَلِك على الْمُسَافِر أَن النَّاس محتاجون إِلَى الْأَسْفَار فَلَو شَرط فِيهَا الِاسْتِقْبَال للنفل لَأَدَّى إِلَى ترك أورادهم أَو مصَالح مَعَايشهمْ فَخرج بذلك النَّفْل فِي الْحَضَر فَلَا يجوز وَإِن احْتِيجَ للتردد كَمَا فِي السّفر لعدم وُرُوده

تَنْبِيه يشْتَرط فِي حق الْمُسَافِر تِلْكَ الْأَفْعَال الْكَثِيرَة من غير عذر كالركض والعدو وَلَا يشْتَرط طول سَفَره لعُمُوم الْحَاجة قِيَاسا على ترك الْجُمُعَة وَالسّفر الْقصير قَالَ القَاضِي وَالْبَغوِيّ مثل أَن يخرج إِلَى مَكَان لَا تلْزمهُ فِيهِ الْجُمُعَة لعدم سَماع النداء

وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَغَيره مثل أَن يخرج إِلَى ضَيْعَة مسيرتها ميل أَو نَحوه وهما متقاربان فَإِن سهل توجه رَاكب غير ملاح بمرقد كهودج وسفينة فِي جَمِيع صلَاته وإتمام الْأَركان كلهَا أَو بَعْضهَا لزمَه ذَلِك لتيسيره عَلَيْهِ فَإِن لم يسهل ذَلِك لم يلْزمه إِلَّا توجه فِي تحرمه إِن سهل بِأَن تكون الدَّابَّة واقفة وَأمكن انحرافه عَلَيْهَا أَو تحريفها أَو سائرة وَبِيَدِهِ زمامها وَهِي سهلة فَإِن لم يسهل ذَلِك بِأَن تكون صعبة أَو مقطورة وَلم يُمكنهُ انحرافه عَلَيْهَا وَلَا تحريفها لم يلْزمه تَحْرِيف للْمَشَقَّة واختلال أَمر السّير عَلَيْهِ

أما ملاح السَّفِينَة وَهُوَ مسيرها فَلَا يلْزمه توجه لِأَن تَكْلِيفه ذَلِك يقطعهُ عَن النَّفْل أَو عمله وَلَا ينحرف عَن صوب طَرِيقه إِلَّا إِلَى الْقبْلَة لِأَنَّهَا الأَصْل فَإِن انحرف إِلَى غَيرهَا عَالما مُخْتَارًا بطلت صلَاته وَكَذَا النسْيَان أَو خطأ طَرِيق أَو جماع دَابَّة إِن طَال الزَّمن وَإِلَّا فَلَا

وَلَكِن يسن أَن يسْجد للسَّهْو لِأَن عمد ذَلِك يبطل وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد

وَفِي ذَلِك خلاف فِي كَلَام الشَّيْخَيْنِ ويكفيه إِيمَاء فِي رُكُوعه وَسُجُوده وَيكون سُجُوده أَخفض من رُكُوعه لِلِاتِّبَاعِ والماشي يتم رُكُوعه وَسُجُوده وَيتَوَجَّهُ فيهمَا وَفِي تحرمه وجلوسه بَين سجدتيه وَلَو صلى فرضا عينيا أَو غَيره على دَابَّة واقفة وَتوجه للْقبْلَة وَأتم الْفَرْض جَازَ وَإِن لم تكن معقولة وَإِلَّا فَلَا يجوز لِأَن سير الدَّابَّة مَنْسُوب إِلَيْهِ

القَوْل فِي مَرَاتِب الْقبْلَة وَتعلم أدلتها وَمن صلى فِي الْكَعْبَة فرضا أَو نفلا أَو على سطحها

وَتوجه شاخصا مِنْهَا كعتبتها ثُلثي ذِرَاع تَقْرِيبًا جَازَ مَا صلاه وَمن أمكنه علم الْقبْلَة وَلَا حَائِل بَينه وَبَينهَا لم يعْمل بِغَيْرِهِ فَإِن لم يُمكنهُ اعْتمد ثِقَة يُخبرهُ عَن علم كَقَوْلِه أَنا أشاهد الْكَعْبَة وَلَيْسَ لَهُ أَن يجْتَهد مَعَ وجود إخْبَاره وَفِي مَعْنَاهُ رُؤْيَة محاريب الْمُسلمين بِبَلَد كَبِير أَو صَغِير يكثر طارقوه فَإِن فقد الثِّقَة الْمَذْكُور وَأمكنهُ اجْتِهَاد اجْتهد لكل فرض إِن لم يذكر الدَّلِيل الأول فَإِن ضَاقَ الْوَقْت عَن الِاجْتِهَاد أَو تحير صلى إِلَى أَي جِهَة شَاءَ وَأعَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>