(و) الثَّانِي من أَرْكَان الصَّلَاة (الْقيام) فِي الْفَرْض (مَعَ الْقُدْرَة) عَلَيْهِ وَلَو بِمعين بِأُجْرَة فاضلة عَن مُؤْنَته وَمؤنَة ممونه يَوْمه وَلَيْلَته فَيجب حَالَة الْإِحْرَام بِهِ لخَبر البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعدا فَإِن لم تستطع فعلى جنب زَاد النَّسَائِيّ فَإِن لم تستطع فمستلقيا لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا
وأجمعت الْأمة على ذَلِك وَهُوَ مَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ وَخرج بِالْفَرْضِ النَّفْل وبالقادر الْعَاجِز
وَقد يفهم من ذَلِك صِحَة صَلَاة الصَّبِي الْفَرْض قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَالأَصَح كَمَا فِي الْبَحْر خِلَافه
وَمثل صَلَاة الصَّبِي الصَّلَاة الْمُعَادَة وَاسْتثنى بَعضهم من ذَلِك مسَائِل الأولى مَا لَو خَافَ رَاكب السَّفِينَة غرقا أَو دوران رَأس فَإِنَّهُ يُصَلِّي من قعُود وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ
وَالثَّانيَِة مَا لَو كَانَ بِهِ سَلس بَوْل لَو قَامَ سَالَ بَوْله وَإِن قعد لم يسل فَإِنَّهُ يُصَلِّي من قعُود على الْأَصَح بِلَا إِعَادَة وَمِنْهَا مَا لَو قَالَ طَبِيب ثِقَة لمن بِعَيْنِه مَاء إِن صليت مُسْتَلْقِيا أمكن مداواتك فَلهُ ترك الْقيام على الْأَصَح
وَلَو أمكن الْمَرِيض الْقيام مُنْفَردا بِلَا مشقة وَلم يُمكنهُ ذَلِك فِي جمَاعَة إِلَّا بِأَن يُصَلِّي بَعْضهَا قَاعِدا فَالْأَفْضَل الِانْفِرَاد وَتَصِح مَعَ الْجَمَاعَة وَإِن قعد فِي بَعْضهَا كَمَا فِي زِيَادَة الرَّوْضَة
الثَّالِثَة مَا لَو كَانَ للغزاة رَقِيب يرقب الْعَدو وَلَو قَامَ لرآه الْعَدو أَو جلس الْغُزَاة فِي مكمن وَلَو قَامُوا لرآهم الْعَدو وَفَسَد تَدْبِير الْحَرْب صلوا قعُودا وَوَجَبَت الْإِعَادَة على الْمَذْهَب لندرة ذَلِك
لَا إِن خَافُوا قصد الْعَدو لَهُم فَلَا تلزمهم الْإِعَادَة كَمَا صَححهُ فِي التَّحْقِيق
وَالْفرق بَين مَا هُنَا وَبَين مَا مر أَن الْعذر هُنَا أعظم مِنْهُ ثمَّ وَفِي الْحَقِيقَة لَا اسْتثِْنَاء لِأَن من ذكر عَاجز إِمَّا لضَرُورَة التَّدَاوِي أَو خوف الْغَرق أَو الْخَوْف على الْمُسلمين أَو نَحْو ذَلِك
فَإِن قيل لم أخر الْقيام عَن النيه مَعَ أَنه مقدم عَلَيْهَا أُجِيب بِأَنَّهَا ركن فِي الصَّلَاة مُطلقًا وَهُوَ ركن فِي الْفَرِيضَة فَقَط فَلذَلِك قدمت عَلَيْهِ
وَشرط الْقيام نصب ظهر الْمُصَلِّي لِأَن اسْم الْقيام دائر مَعَه فَإِن وقف منحنيا إِلَى قدامه أَو خَلفه أَو مائلا إِلَى يَمِينه أَو يسَاره بِحَيْثُ لَا يُسمى قَائِما لم يَصح قِيَامه لتَركه الْوَاجِب بِلَا عذر والانحناء السالب للاسم أَن يصير إِلَى الرُّكُوع أقرب كَمَا فِي الْمَجْمُوع
وَلَو اسْتندَ إِلَى شَيْء كجدار أَجزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَة وَلَو تحامل عَلَيْهِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَو رفع مَا اسْتندَ إِلَيْهِ لسقط لوُجُود اسْم الْقيام وَإِن كَانَ بِحَيْثُ يرفع قَدَمَيْهِ إِن شَاءَ وَهُوَ مُسْتَند لم يَصح لِأَنَّهُ لَا يُسمى قَائِما بل مُعَلّق نَفسه فَإِن عجز عَن ذَلِك وَصَارَ كراكع لكبر أَو غَيره وقف وجوبا كَذَلِك لقُرْبه من الانتصاب وَزَاد وجوبا انحناءه لركوعه إِن قدر على الزِّيَادَة ليتميز الركنان وَلَو أمكنه الْقيام مُتكئا على شَيْء أَو الْقيام على رُكْبَتَيْهِ لزمَه ذَلِك لِأَنَّهُ ميسوره وَلَو عجز عَن رُكُوع وَسُجُود دون قيام قَامَ وجوبا وَفعل مَا أمكنه فِي انحنائه لَهما بصلبه فَإِن عجز فبرقبته وَرَأسه فَإِن عجز أَوْمَأ إِلَيْهِمَا أَو عجز عَن قيام بلحوق مشقة شَدِيدَة قعد كَيفَ شَاءَ وافتراشه أفضل من تربعه وَغَيره لِأَنَّهُ قعُود عبَادَة
وَيكرهُ الإقعاء فِي قعدات الصَّلَاة بِأَن يجلس الْمُصَلِّي على وركيه ناصبا رُكْبَتَيْهِ للنَّهْي