أم لَا وَالظَّاهِر كَمَا قَالَه بعض الْمُتَأَخِّرين أَن لَهُ ذَلِك وَتلْزم الشَّيْخ الْهَرم والزمن إِن وجدا مركبا ملكا أَو إِجَارَة أَو إِعَارَة وَلَو آدَمِيًّا كَمَا قَالَه فِي الْمَجْمُوع وَلم يشق الرّكُوب عَلَيْهِمَا كمشقة الْمَشْي فِي الوحل لانْتِفَاء الضَّرَر وَلَا يجب قبُول الْمَوْهُوب لما فِيهِ من الْمِنَّة وَالشَّيْخ من جَاوز الْأَرْبَعين فَإِن النَّاس صغَار وَأَطْفَال وصبيان وذراري إِلَى الْبلُوغ وشبان وفتيان إِلَى الثَّلَاثِينَ وكهول إِلَى الْأَرْبَعين وَبعد الْأَرْبَعين الرجل شيخ وَالْمَرْأَة شيخة
واستنبط بَعضهم ذَلِك من الْقُرْآن الْعَزِيز قَالَ تَعَالَى {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} {قَالُوا سمعنَا فَتى يذكرهم} {ويكلم النَّاس فِي المهد وكهلا} {إِن لَهُ أَبَا شَيخا كَبِيرا} الْهَرم أقْصَى الْكبر والزمانة الِابْتِلَاء والعاهة وَتلْزم الْأَعْمَى إِن وجد قائدا وَلَو بِأُجْرَة مثل يجدهَا أَو مُتَبَرعا أَو ملكا فَإِن لم يجده لم يلْزمه الْحُضُور وَإِن كَانَ يحسن الْمَشْي بالعصا خلافًا للْقَاضِي حُسَيْن لما فِيهِ من التَّعَرُّض للضَّرَر
نعم إِن كَانَ قَرِيبا من الْجَامِع بِحَيْثُ لَا يتَضَرَّر بذلك يَنْبَغِي وجوب الْحُضُور عَلَيْهِ لِأَن الْمُعْتَبر عدم الضَّرَر وَهَذَا لَا يتَضَرَّر وَمن صَحَّ ظَهره مِمَّن لَا تلْزمهُ الْجُمُعَة صحت جمعته لِأَنَّهَا إِذا صحت مِمَّن تلْزمهُ فَمِمَّنْ لَا تلْزمهُ أولى وتغني عَن ظَهره وَله أَن ينْصَرف من الْمصلى قبل إِحْرَامه بهَا إِلَّا نَحْو مَرِيض كأعمى لَا يجد قائدا فَلَيْسَ لَهُ أَن ينْصَرف قبل إِحْرَامه إِن دخل وَقتهَا وَلم يزدْ ضَرَره بانتظاره فعلهَا أَو أُقِيمَت الصَّلَاة نعم لَو أُقِيمَت وَكَانَ ثمَّ مشقة لَا تحْتَمل كمن بِهِ إسهال ظن انْقِطَاعه فأحس بِهِ وَلَو بعد تحرمه وَعلم من نَفسه أَنه إِن مكث سبقه فَالْمُتَّجه كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ أَن لَهُ الِانْصِرَاف
وَالْفرق بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ أَن الْمَانِع فِي نَحْو الْمَرِيض من وُجُوبهَا مشقة الْحُضُور وَقد حضر متحملا لَهَا وَالْمَانِع فِي غَيره صِفَات قَائِمَة بِهِ لَا تَزُول بالحضور
(و) السَّابِع (الاستيطان) وَالْأولَى أَن يعبر بِالْإِقَامَةِ فَلَا جُمُعَة على مُسَافر سفرا مُبَاحا وَلَو قَصِيرا لاشتغاله وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا لَا جُمُعَة على مُسَافر لَكِن قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالصَّحِيح وَقفه على ابْن عمر وَأهل الْقرْيَة وَإِن كَانَ فيهم جمع تصح بِهِ الْجُمُعَة وَهُوَ أَرْبَعُونَ من أهل الْكَمَال المستوطنين أَو بَلغهُمْ صَوت عَال من مُؤذن يُؤذن كعادته فِي علو الصَّوْت والأصوات هادئة والرياح راكدة من طرف يليهم لبلد الْجُمُعَة مَعَ اسْتِوَاء الأَرْض لزمتهم وَالْمُعْتَبر سَماع من أصغى وَلم يكن أَصمّ وَلَا جَاوز سَمعه حد الْعَادة وَلَو لم يسمع مِنْهُم غير وَاحِد وَيعْتَبر كَون الْمُؤَذّن على الأَرْض لَا على عَال لِأَنَّهُ لَا ضبط لحده
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا أَن تكون الْبَلَد فِي أَرض بَين أَشجَار كطبرستان وَتَابعه فِي الْمَجْمُوع فَإِنَّهَا بَين أَشجَار تمنع بُلُوغ الصَّوْت فَيعْتَبر فِيهَا الْعُلُوّ على مَا يُسَاوِي الْأَشْجَار
وَقد يُقَال الْمُعْتَبر السماع لَو لم يكن مَانع وَفِي ذَلِك مَانع فَلَا حَاجَة لاستثنائه وَلَو سمعُوا النداء من بلدين فحضور الْأَكْثَر جمَاعَة أولى فَإِن اسْتَويَا فمراعاة الْأَقْرَب أولى كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَة فَإِن لم يكن فيهم الْجمع الْمَذْكُور وَلَا بَلغهُمْ الصَّوْت الْمَذْكُور لم تلزمهم الْجُمُعَة وَلَو ارْتَفَعت قَرْيَة فَسمِعت وَلَو ساوت لم تسمع أَو انخفضت فَلم تسمع وَلَو ساوت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute