للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسمعت لَزِمت الثَّانِيَة دون الأولى اعْتِبَارا بِتَقْدِير الاسْتوَاء وَلَو وجدت قَرْيَة فِيهَا أَرْبَعُونَ كاملون فَدَخَلُوا بَلَدا وصلوا فِيهَا سَقَطت عَنْهُم سَوَاء أسمعوا النداء أم لَا وَيحرم عَلَيْهِم ذَلِك لتعطيلهم الْجُمُعَة فِي قريتهم وَلَو وَافق الْعِيد يَوْم الْجُمُعَة فَحَضَرَ أهل الْقرْيَة الَّذين يبلغهم النداء لصَلَاة الْعِيد وَلَو رجعُوا إِلَى أَهْليهمْ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَة فَلهم الرُّجُوع وَترك الْجُمُعَة على الْأَصَح

نعم لَو دخل وَقتهَا قبل انصرافهم فَالظَّاهِر أَنه لَيْسَ لَهُم تَركهَا

وَيحرم على من لَزِمته الْجُمُعَة السّفر بعد الزَّوَال لِأَن وُجُوبهَا تعلق بِهِ بِمُجَرَّد دُخُول الْوَقْت إِلَّا أَن يغلب على ظَنّه أَنه يدْرك الْجُمُعَة فِي مقْصده أَو طَرِيقه لحُصُول الْمَقْصُود أَو يتَضَرَّر بتخلفه لَهَا عَن الرّفْقَة فَلَا يحرم دفعا للضَّرَر عَنهُ أما مُجَرّد انْقِطَاعه عَن الرّفْقَة بِلَا ضَرَر فَلَيْسَ بِعُذْر بِخِلَاف نَظِيره من التَّيَمُّم لِأَن الطُّهْر يتَكَرَّر فِي كل يَوْم بِخِلَاف الْجُمُعَة وَبِأَنَّهُ يغْتَفر فِي الْوَسَائِل مَا لَا يغْتَفر فِي الْمَقَاصِد وَقبل الزَّوَال وأوله الْفجْر كبعده فِي الْحُرْمَة وَغَيرهَا وَإِنَّمَا حرم قبل الزَّوَال وَإِن لم يدْخل وَقتهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة إِلَى الْيَوْم وَلذَلِك يجب السَّعْي قبل الزَّوَال على بعيد الدَّار وَسن لغير من تلْزمهُ الْجُمُعَة وَلَو بمحلها جمَاعَة فِي ظَهره وإخفاؤها إِن خَفِي عذره لِئَلَّا يتهم بالرغبة عَن صَلَاة الإِمَام

وَيسن لمن رجا زَوَال عذره قبل فَوَات الْجُمُعَة كَعبد يَرْجُو الْعتْق تَأْخِير ظَهره إِلَى فَوَات الْجُمُعَة أما من لَا يَرْجُو زَوَال عذره كامرأة فتعجيل الظّهْر أفضل لتحوز فَضِيلَة أول الْوَقْت

ثمَّ شرع فِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ شُرُوط الصِّحَّة فَقَالَ (وشرائط) صِحَة (فعلهَا) مَعَ شُرُوط غَيرهَا (ثَلَاثَة) بل ثَمَانِيَة كَمَا ستراها

الأول (أَن تكون الْبَلَد) أَي أَن تُقَام فِي خطة أبنية أوطان المجمعين من الْبَلَد سَوَاء الرحاب المسقفة والساحات والمساجد وَلَو انْهَدَمت الْأَبْنِيَة وَأَقَامُوا على عمارتها لم يضر انهدامها فِي صِحَة الْجُمُعَة وَإِن لم يَكُونُوا فِي مظال لِأَنَّهَا وطنهم وَلَا تَنْعَقِد فِي غير بِنَاء إِلَّا فِي هَذِه وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو نزلُوا مَكَانا وَأَقَامُوا فِيهِ ليعمروه قَرْيَة لَا تصح جمعتهم فِيهِ قبل الْبناء استصحابا للْأَصْل فِي الْحَالين وَكَذَا لَو صلت طَائِفَة خَارج الْأَبْنِيَة خلف جُمُعَة منعقدة لَا تصح جمعتهم لعدم وُقُوعهَا فِي الْأَبْنِيَة المجتمعة فِيهِ وَإِن خَالف فِي ذَلِك بعض الْمُتَأَخِّرين وَتجوز فِي الفضاء الْمَعْدُود من خطة الْبَلَد (مصرا) كَانَت (أَو قَرْيَة) بِحَيْثُ لَا تقصر فِيهِ الصَّلَاة كَمَا فِي السكن الْخَارِج عَنْهَا الْمَعْدُود مِنْهَا بِخِلَاف غير الْمَعْدُود مِنْهَا فَمن أطلق الْمَنْع فِي الْخَارِج عَنْهَا أَرَادَ هَذَا

قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَأكْثر أهل الْقرى يؤخرون الْمَسْجِد عَن جِدَار الْقرْيَة قَلِيلا صِيَانة لَهُ عَن نَجَاسَة الْبَهَائِم وَعدم انْعِقَاد الْجُمُعَة فِيهِ بعيد

وَقَول القَاضِي أبي الطّيب قَالَ أَصْحَابنَا لَو بنى أهل الْبَلَد مَسْجِدهمْ خَارِجهَا لم يجز لَهُم إِقَامَة الْجُمُعَة فِيهِ لانفصاله عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>