للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَه وَسَقَطت الْقِرَاءَة عَنهُ كَمَا فِي غَيرهَا من الصَّلَوَات وَإِذا سلم الإِمَام تدارك الْمَسْبُوق حتما بَاقِي التَّكْبِيرَات بأذكارها وجوبا فِي الْوَاجِب وندبا فِي الْمَنْدُوب

وَيسن أَن لَا ترْتَفع الْجِنَازَة حَتَّى يتم الْمَسْبُوق وَلَا يضر رَفعهَا قبل إِتْمَامه

ثمَّ شرع فِي أكمل الدّفن الْمَوْعُود بِذكرِهِ فَقَالَ (ويدفن فِي لحد) وَهُوَ بِفَتْح اللَّام وَضمّهَا وَسُكُون الْحَاء فيهمَا أَصله الْميل وَالْمرَاد أَن يحْفر فِي أَسْفَل جَانب الْقَبْر القبلي مائلا عَن الاسْتوَاء قدر مَا يسع الْمَيِّت ويستره وَهُوَ أفضل من الشق بِفَتْح الْمُعْجَمَة إِن صلبت الأَرْض وَهُوَ أَن يحْفر قَعْر الْقَبْر كالنهر ويبنى جانباه بِلَبن أَو غَيره غير مَا مسته النَّار وَيجْعَل الْمَيِّت بَينهمَا أما الأَرْض الرخوة فالشق فِيهَا أفضل خشيَة الانهيار وَيُوضَع فِي اللَّحْد أَو غَيره (مُسْتَقْبل الْقبْلَة) وجوبا تَنْزِيلا لَهُ منزلَة الْمُصَلِّي فَلَو وَجه لغَيْرهَا نبش وَوجه للْقبْلَة وجوبا إِن لم يتَغَيَّر وَإِلَّا فَلَا وَيُوضَع الْمَيِّت ندبا عِنْد مُؤخر الْقَبْر الَّذِي سيصير عِنْد أَسْفَله رجل الْمَيِّت (ويسل) بِضَم حرف المضارعة على الْبناء للْمَفْعُول أَي يدْخل (من قبل) بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْمُوَحدَة أَي من جِهَة (رَأسه بِرِفْق) لما رُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سل من قبل رَأسه ويدخله الأحق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَة فَلَا يدْخلهُ وَلَو أُنْثَى إِلَّا الرِّجَال لَكِن الأحق فِي الْأُنْثَى زوج وَإِن لم يكن لَهُ حق فِي الصَّلَاة فمحرم فعبدها لِأَنَّهُ كالمحرم فِي النّظر وَنَحْوه فممسوح فمجبوب فخصي لبَعض شهوتهم فأجنبي صَالح وَسن كَون الْمدْخل وترا وَاحِدًا فَأكْثر بِحَسب الْحَاجة وَسن ستر الْقَبْر بِثَوْب عِنْد الدّفن وَهُوَ لغير ذكر من أُنْثَى وَخُنْثَى آكِد احْتِيَاطًا (وَيَقُول الَّذِي يلحده) أَي يدْخلهُ الْقَبْر ندبا (باسم الله وعَلى مِلَّة) أَي دين (رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لِلِاتِّبَاعِ وَفِي رِوَايَة وعَلى سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ويضجع فِي الْقَبْر) على يَمِينه ندبا كَمَا فِي الِاضْطِجَاع عِنْد النّوم فَإِن وضع على يسَاره كره وَلم ينبش وَينْدب أَن يُفْضِي بخده إِلَى الأَرْض (بعد أَن) يُوسع بِأَن يُزَاد فِي طوله وَعرضه وَأَن (يعمق) الْقَبْر وَهُوَ بِضَم حرف المضارعة وَفتح الْمُهْملَة الزِّيَادَة فِي النُّزُول (قامة وبسطة) من رجل معتدل لَهما وهما أَرْبَعَة أَذْرع وَنصف كَمَا صَوبه النَّوَوِيّ خلافًا للرافعي فِي قَوْله إنَّهُمَا ثَلَاثَة أَذْرع وَنصف تبعا للمحاملي وَينْدب أَن يسند وَجهه وَرجلَاهُ إِلَى جِدَار الْقَبْر وظهره بِنَحْوِ لبنة كحجر حَتَّى لَا ينكب وَلَا يستلقي وَأَن يسد فَتحه بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون التَّاء بِنَحْوِ لبن كطين بِأَن يَبْنِي بذلك ثمَّ يسد فرجه بِكَسْر لبن وطين أَو نَحْوهمَا وَكره أَن يَجْعَل لَهُ فرش ومخدة وصندوق لم يحْتَج إِلَيْهِ لِأَن فِي ذَلِك إِضَاعَة مَال أما إِذا احْتِيجَ إِلَى صندوق لنداوة وَنَحْوهَا كرخاوة فِي الأَرْض فَلَا يكره وَلَا تنفذ وَصيته إِلَّا حِينَئِذٍ وَلَا يكره دَفنه لَيْلًا مُطلقًا وَوقت كَرَاهَة صَلَاة مَا لم يتحره بِالْإِجْمَاع فَإِن تحراه كره كَمَا فِي الْمَجْمُوع (وَلَا يبْنى) على الْقَبْر نَحْو قبَّة كبيت (وَلَا يجصص) أَي يبيض بالجص وَهُوَ الجبس وَقيل الجير وَالْمرَاد هُنَا هما أَو أَحدهمَا أَي يكره الْبناء والتجصيص للنَّهْي عَنْهُمَا فِي صَحِيح مُسلم

وَخرج بتجصيصه تطيينه فَإِنَّهُ لَا بَأْس بِهِ كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوع إِنَّه الصَّحِيح وَتكره الْكِتَابَة عَلَيْهِ سَوَاء كتب عَلَيْهِ اسْم صَاحبه أم غَيره

وَيكرهُ أَن يَجْعَل على الْقَبْر مظلة لِأَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى قبَّة فنحاها وَقَالَ دَعوه يظله عمله

وَلَو بني عَلَيْهِ فِي مَقْبرَة مسبلة وَهِي الَّتِي جرت عَادَة أهل الْبَلَد بالدفن فِيهَا حرم وَهدم لِأَنَّهُ يضيق على النَّاس وَلَا فرق بَين أَن يَبْنِي قبَّة أَو بَيْتا أَو مَسْجِدا أَو غير ذَلِك وَمن المسبل كَمَا قَالَه الدَّمِيرِيّ قرافة مصر قَالَ ابْن عبد الحكم ذكر فِي تَارِيخ مصر أَن عَمْرو بن الْعَاصِ أعطَاهُ الْمُقَوْقس فِيهَا مَالا جزيلا وَذكر أَنه وجد فِي الْكتاب الأول أَنَّهَا تربة أهل الْجنَّة فكاتب عمر بن الْخطاب فِي ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ إِنِّي لَا أعرف تربة الْجنَّة إِلَّا لأجساد الْمُؤمنِينَ فاجعلوها لموتاكم

وَينْدب أَن يرش الْقَبْر بِمَاء لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله بِقَبْر وَلَده إِبْرَاهِيم وَالْأولَى أَن يكون طهُورا بَارِدًا وَخرج بِالْمَاءِ مَاء الْورْد فالرش بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>