للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكْرُوه لِأَنَّهُ إِضَاعَة مَال

وَقَالَ السُّبْكِيّ لَا بَأْس باليسير مِنْهُ إِن قصد بِهِ حُضُور الْمَلَائِكَة فَإِنَّهَا تحب الرَّائِحَة الطّيبَة انْتهى

وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَانِع من حُرْمَة إِضَاعَة المَال

وَيسن وضع الجريد الْأَخْضَر على الْقَبْر وَكَذَا الريحان وَنَحْوه من الشَّيْء الرطب وَلَا يجوز للْغَيْر أَخذه من على الْقَبْر قبل يبسه لِأَن صَاحبه لم يعرض عَنهُ إِلَّا عِنْد يبسه لزوَال نَفعه الَّذِي كَانَ فِيهِ وَقت رطوبته وَهُوَ الاسْتِغْفَار وَأَن يضع عِنْد رَأسه حجرا أَو خَشَبَة أَو نَحْو ذَلِك لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع عِنْد رَأس عُثْمَان بن مَظْعُون صَخْرَة وَقَالَ أتعلم بهَا قبر أخي لأدفن إِلَيْهِ من مَاتَ من أَهلِي وَينْدب جمع أقَارِب الْمَيِّت فِي مَوضِع وَاحِد من الْمقْبرَة لِأَنَّهُ أسهل على الزائر والدفن فِي الْمقْبرَة أفضل مِنْهُ بغَيْرهَا لينال الْمَيِّت دُعَاء المارين والزائرين وَيكرهُ الْمبيت بهَا لما فِيهَا من الوحشة وَينْدب زِيَارَة الْقُبُور الَّتِي فِيهَا الْمُسلمُونَ للرِّجَال بِالْإِجْمَاع وَكَانَت زيارتها مَنْهِيّا عَنْهَا ثمَّ نسخت بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها وَيكرهُ زيارتها للنِّسَاء لِأَنَّهَا مَظَنَّة لطلب بكائهن وَرفع أصواتهن نعم ينْدب لَهُنَّ زِيَارَة قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهَا من أعظم القربات وَيَنْبَغِي أَن يلْحق بذلك بَقِيَّة الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالشُّهَدَاء وَينْدب أَن يسلم الزائر لقبور الْمُسلمين مُسْتَقْبلا وَجه الْمَيِّت قَائِلا مَا علمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خَرجُوا للمقابر السَّلَام على أهل الدَّار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون أسأَل الله لي وَلكم الْعَافِيَة أَو السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون رَوَاهُمَا مُسلم وَزَاد أَبُو دَاوُد اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجرهم وَلَا تفتنا بعدهمْ لَكِن بِسَنَد ضَعِيف وَقَوله إِن شَاءَ الله للتبرك وَيقْرَأ عِنْدهم مَا تيَسّر من الْقُرْآن فَإِن الرَّحْمَة تنزل فِي مَحل الْقِرَاءَة وَالْمَيِّت كحاضر ترجى لَهُ الرَّحْمَة وَيَدْعُو لَهُ عقب الْقِرَاءَة لِأَن الدُّعَاء ينفع الْمَيِّت وَهُوَ عقب الْقِرَاءَة أقرب إِلَى الْإِجَابَة وَأَن يقرب زَائِره مِنْهُ كقربه مِنْهُ فِي زيارته حَيا احتراما لَهُ قَالَه النَّوَوِيّ وَيسْتَحب الْإِكْثَار من الزِّيَارَة وَأَن يكثر الْوُقُوف عِنْد قُبُور أهل الْخَيْر وَالْفضل

(وَلَا بَأْس بالبكاء على الْمَيِّت) قبل الْمَوْت وَبعده قَالَ فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا والبكاء قبل الْمَوْت أولى من بعده لَكِن الأولى عَدمه بِحَضْرَة المحتضر والبكاء عَلَيْهِ بعد الْمَوْت خلاف الأولى لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون أسفا على مَا فَاتَ نَقله فِي الْمَجْمُوع عَن الْجُمْهُور وَلَكِن يكون (من غير نوح) وَهُوَ رفع الصَّوْت بالندب قَالَه فِي الْمَجْمُوع وَهُوَ حرَام لخَبر النائحة إِذا لم تتب تقوم يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران وَدرع من جرب رَوَاهُ مُسلم والسربال الْقَمِيص والدرع قَمِيص فَوْقه (وَلَا شقّ جيب) وَنَحْوه كنشر شعر وتسويد وَجه وإلقاء رماد على رَأس وَرفع صَوت بإفراط فِي الْبكاء أَي يحرم ذَلِك لخَبر الشَّيْخَيْنِ لَيْسَ منا من ضرب الخدود وشق الْجُيُوب ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة والجيب هُوَ تَقْدِير مَوضِع دُخُول رَأس اللابس من الثَّوْب قَالَ صَاحب الْمطَالع

وَيحرم أَيْضا الْجزع بِضَرْب صَدره وَنَحْوه كضرب خد وَمن ذَلِك أَيْضا تَغْيِير الزي وَلبس غير مَا جرت بِهِ الْعَادة وَالضَّابِط كل فعل يتَضَمَّن إِظْهَار جزع يُنَافِي الانقياد والاستسلام لقَضَاء الله تَعَالَى وَلَا يعذب الْمَيِّت بِشَيْء من ذَلِك مَا لم يوص بِهِ

قَالَ تَعَالَى {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} خلاف مَا إِذا أوصى بِهِ وَعَلِيهِ حمل الْجُمْهُور الْأَخْبَار الْوَارِدَة بتعذيب الْمَيِّت على ذَلِك وَالأَصَح كَمَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَن مَا ذكر مَحْمُول على الْكَافِر وَغَيره من أَصْحَاب الذُّنُوب

وتندب الْمُبَادرَة بِقَضَاء دين الْمَيِّت إِن تيَسّر حَالا

قبل الِاشْتِغَال بتجهيزه لخَبر نفس الْمُؤمن أَي روحه معلقَة أَي محبوسة عَن مقَامهَا الْكَرِيم بِدِينِهِ حَتَّى يقْضى عَنهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَتجب الْمُبَادرَة عِنْد طلب الْمُسْتَحق حَقه وبتنفيذ وَصيته وَتجب عِنْد طلب الْمُوصى لَهُ الْمعِين وَكَذَا عِنْد المكنة فِي الْوَصِيَّة للْفُقَرَاء وَنَحْوهم من ذَوي الْحَاجَات أَو كَانَ قد أوصى بتعجيلها

وَيكرهُ تمني الْمَوْت لضر نزل فِي بدنه أَو ضيق فِي دُنْيَاهُ إِلَّا لفتنة دين فَلَا يكره كَمَا فِي الْمَجْمُوع أما تمنيه لغَرَض أخروي فمحبوب كتمني الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله

<<  <  ج: ص:  >  >>