للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيسن التَّدَاوِي لخَبر إِن الله لم يضع دَاء إِلَّا جعل لَهُ دَوَاء غير الْهَرم قَالَ فِي الْمَجْمُوع فَإِن ترك التَّدَاوِي توكلا على الله فَهُوَ أفضل وَيكرهُ إِكْرَاه الْمَرِيض عَلَيْهِ وَكَذَا إكراهه على الطَّعَام وَيجب أَن يستعد للْمَوْت كل مُكَلّف بتوبة بِأَن يُبَادر بهَا لِئَلَّا يفجأه الْمَوْت المفوت لَهَا وَيسن أَن يكثر من ذكر الْمَوْت لخَبر أَكْثرُوا من ذكر هاذم اللَّذَّات فَإِنَّهُ مَا يذكر فِي كثير إِلَّا قلله وَلَا قَلِيل إِلَّا كثره أَي كثير من الأمل فِي الدُّنْيَا وَقَلِيل من الْعَمَل

وهاذم بِالْمُعْجَمَةِ أَي قَاطع وَيحرم نقل الْمَيِّت قبل دَفنه من مَحل مَوته إِلَى مَحل أبعد من مَقْبرَة مَحل مَوته ليدفن فِيهِ إِلَّا أَن يكون بِقرب مَكَّة أَو الْمَدِينَة أَو بَيت الْمُقَدّس نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي لفضلها

(ويعزى) ندبا (أَهله) أَي الْمَيِّت كَبِيرهمْ وصغيرهم وَذكرهمْ وأنثاهم لما رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن مَا من مُسلم يعزي أَخَاهُ بمصيبة إِلَّا كَسَاه الله من حلل الْكَرَامَة يَوْم الْقِيَامَة نعم الشَّابَّة لَا يعزيها أَجْنَبِي وَإِنَّمَا يعزيها محارمها وَزوجهَا وَكَذَا من ألحق بهم فِي جَوَاز النّظر فِيمَا يظْهر وَصرح ابْن خيران بِأَنَّهُ يسْتَحبّ التَّعْزِيَة بالمملوك بل قَالَ الزَّرْكَشِيّ يسْتَحبّ أَن يعزى بِكُل من يحصل لَهُ عَلَيْهِ وجد كَمَا ذكره الْحسن الْبَصْرِيّ حَتَّى الزَّوْجَة وَالصديق وتعبيرهم بالأهل جري على الْغَالِب وتندب الْبدَاءَة بأضعفهم عَن حمل الْمُصِيبَة وَتسن قبل دَفنه لِأَنَّهُ وَقت شدَّة الْجزع والحزن وَلَكِن بعده أولى لاشتغالهم قبله بتجهيزه إِلَّا إِن أفرط حزنهمْ فتقديمها أولى ليصبرهم

وغايتها (إِلَى) آخر (ثَلَاثَة أَيَّام) تَقْرِيبًا تمْضِي (من) وَقت الْمَوْت لحاضر وَمن الْقدوم لغَائِب وَقيل من وَقت (دَفنه) وَمثل الْغَائِب الْمَرِيض والمحبوس فتكره التَّعْزِيَة بعْدهَا إِذْ الْغَرَض مِنْهَا تسكين قلب الْمُصَاب وَالْغَالِب سكونه فِيهَا فَلَا يجدد حزنه بهَا وَيُقَال فِي تَعْزِيَة الْمُسلم بِالْمُسلمِ أعظم الله أجرك أَي جعله عَظِيما وَأحسن عزاءك أَي جعله حسنا وَغفر لميتك وَيُقَال فِي تعزيته بالكافر الذِّمِّيّ أعظم الله أجرك وصبرك وأخلف عَلَيْك أَو جبر مصيبتك أَو نَحْو ذَلِك وَيُقَال فِي تَعْزِيَة الْكَافِر بِالْمُسلمِ غفر الله لميتك وَأحسن عزاءك أما الْكَافِر غير الْمُحْتَرَم من حَرْبِيّ أَو مُرْتَد كَمَا بَحثه الْأَذْرَعِيّ فَلَا يعزى وَهل هُوَ حرَام أَو مَكْرُوه الظَّاهِر فِي الْمُهِمَّات الأول وَمُقْتَضى كَلَام الشَّيْخ أبي حَامِد الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِر هَذَا إِن لم يرج إِسْلَامه فَإِن رُجي إِسْلَامه اسْتحبَّ كَمَا يُؤْخَذ من كَلَام السُّبْكِيّ وَأما تَعْزِيَة الْكَافِر بالكافر فَهِيَ غير مَنْدُوبَة كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الشَّرْح وَالرَّوْضَة بل هِيَ جَائِزَة إِن لم يرج إِسْلَامه وصيغتها أخلف الله عَلَيْك وَلَا نقص عددك لِأَن ذَلِك ينفعنا فِي الدُّنْيَا بِكَثْرَة الْجِزْيَة وَفِي الْآخِرَة بِالْفِدَاءِ من النَّار

قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَهُوَ مُشكل لِأَنَّهُ دُعَاء بدوام الْكفْر فالمختار تَركه وَمنعه ابْن النَّقِيب لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبَقَاء على الْكفْر وَلَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيله بتكثير الْجِزْيَة

(وَلَا يدْفن اثْنَان) ابْتِدَاء (فِي قبر وَاحِد) بل يفرد كل ميت بِقَبْر حَالَة الِاخْتِيَار لِلِاتِّبَاعِ فَلَو جمع اثْنَان فِي قبر واتحد الْجِنْس كرجلين أَو امْرَأتَيْنِ كره عِنْد الْمَاوَرْدِيّ وَحرم عِنْد السَّرخسِيّ وَنَقله عَنهُ النَّوَوِيّ فِي مَجْمُوعه مُقْتَصرا عَلَيْهِ وعقبه بقوله وَعبارَة الْأَكْثَرين وَلَا يدْفن اثْنَان فِي قبر وَنَازع فِي التَّحْرِيم السُّبْكِيّ وَسَيَأْتِي مَا يُقَوي التَّحْرِيم (إِلَّا لحَاجَة) أَي الضَّرُورَة كَمَا فِي كَلَام الشَّيْخَيْنِ كَأَن كثر الْمَوْتَى وعسر إِفْرَاد كل ميت بِقَبْر فَيجمع بَين الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَالْأَكْثَر فِي قبر بِحَسب الضَّرُورَة وَكَذَا فِي ثوب لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أحد رَوَاهُ البُخَارِيّ

فَيقدم حِينَئِذٍ أفضلهما ندبا وَهُوَ الأحق بِالْإِمَامَةِ إِلَى جِدَار الْقَبْر القبلي لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسْأَل فِي قَتْلَى أحد عَن أَكْثَرهم قُرْآنًا فَيقدمهُ إِلَى اللَّحْد لَكِن لَا يقدم فرع على أَصله من جنسه وَإِن علا حَتَّى يقدم الْجد وَلَو من قبل الْأُم وَكَذَا الْجدّة قَالَه الْإِسْنَوِيّ فَيقدم الْأَب على الابْن وَإِن كَانَ أفضل مِنْهُ لحُرْمَة الْأُبُوَّة وَتقدم الْأُم على الْبِنْت وَإِن كَانَت أفضل مِنْهَا أما الابْن مَعَ الْأُم فَيقدم لفضيلة الذُّكُورَة وَيقدم الرجل على الصَّبِي وَالصَّبِيّ على الْخُنْثَى وَالْخُنْثَى على الْمَرْأَة

<<  <  ج: ص:  >  >>