وَلَا يجمع رجل وَامْرَأَة فِي قبر وَاحِد إِلَّا لضَرُورَة فَيحرم عِنْد عدمهَا كَمَا فِي الْحَيَاة
قَالَ ابْن الصّلاح وَمحله إِذا لم يكن بَينهمَا محرمية أَو زوجية وَإِلَّا فَيجوز الْجمع
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَهُوَ مُتَّجه
وَالَّذِي فِي الْمَجْمُوع أَنه لَا فرق فَقَالَ إِنَّه حرَام حَتَّى فِي الْأُم مَعَ وَلَدهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر إِذْ الْعلَّة فِي منع الْجمع الْإِيذَاء لِأَن الشَّهْوَة قد انْقَطَعت فَلَا فرق بَين الْمحرم وَغَيره وَلَا بَين أَن يَكُونَا من جنس وَاحِد أم لَا وَالْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى أَو غَيره كالأنثى مَعَ الذّكر وَالصَّغِير الَّذِي لم يبلغ حد الشَّهْوَة كالمحرم ويحجز بَين الميتين بِتُرَاب حَيْثُ جمع بَينهمَا ندبا كَمَا جزم بِهِ ابْن الْمقري فِي شرح إرشاده وَلَو اتَّحد الْجِنْس
وَأما نبشه بعد دَفنه وَقبل البلى عِنْد أهل الْخِبْرَة بِتِلْكَ الأَرْض للنَّقْل وَغَيره كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وتكفينه فَحَرَام لِأَن فِيهِ هتكا لِحُرْمَتِهِ إِلَّا لضَرُورَة كَأَن دفن بِلَا غسل وَلَا تيَمّم بِشَرْطِهِ وَهُوَ مِمَّن يجب غسله لِأَنَّهُ وَاجِب فاستدرك عِنْد قربه فَيجب على الْمَشْهُور نبشه وغسله إِن لم يتَغَيَّر أَو دفن فِي أَرض أَو فِي ثوب مغصوبين وطالب بهما مالكهما فَيجب النبش وَلَو تغير الْمَيِّت ليصل الْمُسْتَحق إِلَى حَقه وَيسن لصاحبهما التّرْك
وَمحل النبش فِي الثَّوْب إِذا وجد مَا يُكفن فِيهِ الْمَيِّت وَإِلَّا فَلَا يجوز النبش كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الشَّيْخ أبي حَامِد وَغَيره
قَالَ الرَّافِعِيّ والكفن الْحَرِير أَي للرجل كالمغصوب
قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه نظر وَيَنْبَغِي أَن يقطع فِيهِ بِعَدَمِ النبش انْتهى
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى أَو وَقع فِي الْقَبْر مَال وَإِن قل كخاتم فَيجب نبشه وَإِن تغير الْمَيِّت لِأَن تَركه فِيهِ إِضَاعَة مَال
وَقَيده فِي الْمُهَذّب بِطَلَب مَالِكه وَهُوَ الَّذِي يظْهر اعْتِمَاده قِيَاسا على الْكَفَن وَالْفرق بِأَن الْكَفَن ضَرُورِيّ لَا يجدي وَلَو بلع مَالا لغيره وَطَلَبه صَاحبه كَمَا فِي الرَّوْضَة وَلم يضمن مثله أَو قِيمَته أحد من الْوَرَثَة أَو غَيرهم كَمَا فِي الرَّوْضَة نبش وشق جَوْفه وَأخرجه مِنْهُ ورد لصَاحبه أما إِذا ابتلع مَال نَفسه فَإِنَّهُ لَا ينبش وَلَا يشق لاستهلاكه مَاله فِي حَال حَيَاته أَو دفن لغير الْقبْلَة فَيجب نبشه مَا لم يتَغَيَّر وَيُوجه للْقبْلَة بِخِلَاف مَا إِذا دفن بِلَا تكفين فَإِنَّهُ لَا ينبش لِأَن الْغَرَض بالتكفين السّتْر وَقد حصل السّتْر بِالتُّرَابِ
تَتِمَّة يسن أَن يقف جمَاعَة بعد دَفنه عِنْد قَبره سَاعَة يسْأَلُون لَهُ التثبيت لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا فرغ من دفن ميت وقف عَلَيْهِ وَقَالَ اسْتَغْفرُوا لأخيكم واسألوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل وَيسن تلقين الْمَيِّت الْمُكَلف بعد الدّفن لحَدِيث ورد فِيهِ
قَالَ فِي الرَّوْضَة والْحَدِيث وَإِن كَانَ ضَعِيفا لكنه اعتضد بشواهد من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَلم تزل النَّاس على الْعَمَل بِهِ من الْعَصْر الأول فِي زمن من يقْتَدى بِهِ وَيقْعد الملقن عِنْد رَأس الْقَبْر أما غير الْمُكَلف وَهُوَ الطِّفْل وَنَحْوه مِمَّن لم يتقدمه تَكْلِيف فَلَا يسن تلقينه لِأَنَّهُ لَا يفتن فِي قَبره
يسن لنَحْو جيران أهل الْمَيِّت كأقاربه الْبعدَاء وَلَو كَانُوا بِبَلَد وَهُوَ بِأُخْرَى تهيئة طَعَام يشبعهم يَوْمًا وَلَيْلَة لشغلهم بالحزن عَنهُ وَأَن يلح عَلَيْهِم فِي الْأكل لِئَلَّا يضعفوا بِتَرْكِهِ وَحرم تهيئته لنَحْو نائحة كنادبة لِأَنَّهَا إِعَانَة على مَعْصِيّة قَالَ ابْن الصّباغ وَغَيره أما اصطناع أهل الْمَيِّت طَعَاما وَجمع النَّاس عَلَيْهِ فبدعة غير مُسْتَحبَّة