للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يحصل الِانْتِفَاع أَو يكمل بِالطَّهَارَةِ إِلَّا مَا نَص الشَّارِع على نَجَاسَته وَهُوَ كل مُسكر مَائِع لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَكَذَا الْحَيَوَان كُله طَاهِر لما مر إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِع أَيْضا وَهُوَ الْكَلْب وَلَو معلما لخَبر مُسلم طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ

وَجه الدّلَالَة أَن الطَّهَارَة إِمَّا لحَدث أَو خبث أَو تكرمة وَلَا حدث على الْإِنَاء وَلَا تكرمة لَهُ فتعينت طَهَارَة الْخبث فثبتت نَجَاسَة فَمه وَهُوَ أطيب أَجْزَائِهِ بل هُوَ أطيب الْحَيَوَانَات نكهة لِكَثْرَة مَا يَلْهَث فبقيتها أولى وَالْخِنْزِير لِأَنَّهُ أَسْوَأ حَالا من الْكَلْب وَفرع كل مِنْهُمَا مَعَ الآخر أَو مَعَ غَيره من الْحَيَوَانَات الطاهرة كالمتولد بَين ذِئْب وكلبة تَغْلِيبًا للنَّجَاسَة وَإِن الفضلات مِنْهَا مَا يَسْتَحِيل فِي بَاطِن الْحَيَوَان وَهُوَ نجس كَدم وَلَو تحلب من كبد أَو طحال لقَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم} أَي الدَّم المسفوح وقيح لِأَنَّهُ دم مُسْتَحِيل وقيء وَإِن لم يتَغَيَّر وَهُوَ الْخَارِج من الْمعدة لِأَنَّهُ من الفضلات المستحيلة كالبول وجرة وَهِي بِكَسْر الْجِيم مَا يُخرجهُ الْبَعِير أَو غَيره للاجترار وَمرَّة وَهِي بِكَسْر الْمِيم مَا فِي المرارة

وَأما الزباد فطاهر

قَالَ فِي الْمَجْمُوع لِأَنَّهُ إِمَّا لبن سنور بحري كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ أَو عرق سنور بري كَمَا سمعته من ثِقَات من أهل الْخِبْرَة بِهَذَا وَلَكِن يغلب اخْتِلَاطه بِمَا يتساقط من شعره فليحترز عَمَّا وجد فِيهِ فَإِن الْأَصَح منع أكل الْبري وَيَنْبَغِي الْعَفو عَن قَلِيل شعره وَأما الْمسك فَهُوَ أطيب الطّيب كَمَا رَوَاهُ مُسلم

وفأرته طَاهِرَة وَهِي خراج بِجَانِب سرة الظبية كالسلعة فتحتك حَتَّى تلقيها وَاخْتلفُوا فِي العنبر فَمنهمْ من قَالَ إِنَّه نجس لِأَنَّهُ مستخرج من بطن دويبة لَا يُؤْكَل لَحمهَا وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه طَاهِر لِأَنَّهُ ينْبت فِي الْبَحْر ويلفظه وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وروث وَلَو من سمك وجراد لما روى البُخَارِيّ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جِيءَ لَهُ بحجرين وروثة ليستنجي بهَا أَخذ الحجرين ورد الروثة وَقَالَ وَهَذَا ركس والركس النَّجس وَبَوْل لِلْأَمْرِ بصب المَاء عَلَيْهِ فِي بَوْل الْأَعرَابِي فِي الْمَسْجِد رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

ومذي وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ مَاء أَبيض رَقِيق يخرج بِلَا شَهْوَة عِنْد ثورانها لِلْأَمْرِ بِغسْل الذّكر مِنْهُ فِي خبر الصَّحِيحَيْنِ فِي قصَّة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وودي وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مَاء أَبيض ثخين يخرج عقب الْبَوْل أَو عِنْد حمل شَيْء ثقيل قِيَاسا على مَا قبله وَالأَصَح طَهَارَة مني غير الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَفرع أَحدهمَا لِأَنَّهُ أصل حَيَوَان طَاهِر وَلبن مَا لَا يُؤْكَل غير لبن الْآدَمِيّ كلبن الأتان لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل فِي الْبَاطِن كَالدَّمِ أما لبن مَا يُؤْكَل لَحْمه كلبن الْفرس وَإِن ولدت بغلا فطاهر

قَالَ تَعَالَى {لَبَنًا خَالِصا سائغا للشاربين}

وَكَذَا لبن الْآدَمِيّ إِذْ لَا يَلِيق بكرامته أَن يكون منشؤه نجسا وَكَلَامهم شَامِل للبن الْميتَة وَبِه جزم فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>