للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدينِهِ سَوَاء أَكَانَ مشتغلا بِالْعبَادَة أم لَا فَإِن فقد أهبته فَتَركه أولى وَكسر إرشادا توقانه بِصَوْم لخَبر يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء أَي قَاطع لتوقانه والباءة بِالْمدِّ مُؤَن النِّكَاح فَإِن لم تنكسر بِالصَّوْمِ فَلَا يكسرهُ بالكافور وَنَحْوه بل يتَزَوَّج وَكره النِّكَاح لغير التائق لَهُ لعِلَّة أَو غَيرهَا إِن فقد أهبته أَو وجدهَا وَكَانَ بِهِ عِلّة كهرم وتعنين لانْتِفَاء حَاجته مَعَ الْتِزَام فَاقِد الأهبة مَا لَا يقدر عَلَيْهِ وخطر الْقيام بواجبه فِيمَا عداهُ وَإِن وجدهَا وَلَا عِلّة بِهِ فتخل لعبادة أفضل من النِّكَاح إِن كَانَ متعبدا اهتماما بهَا فَإِن لم يتعبد فَالنِّكَاح أفضل من تَركه لِئَلَّا تُفْضِي بِهِ البطالة إِلَى الْفَوَاحِش

وَيسْتَثْنى من إِطْلَاق المُصَنّف مَا لَو كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَإِنَّهُ لَا يسْتَحبّ لَهُ النِّكَاح وَإِن اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَعلله بالخوف على وَلَده من الْكفْر والاسترقاق

تَنْبِيه نَص فِي الْأُم وَغَيرهَا على أَن الْمَرْأَة التائقة يسن لَهَا النِّكَاح وَفِي مَعْنَاهَا المحتاجة إِلَى النَّفَقَة والخائفة من اقتحام الفجرة

وَيُوَافِقهُ مَا فِي التَّنْبِيه من أَن من جَازَ لَهَا النِّكَاح إِن كَانَت محتاجة إِلَيْهِ اسْتحبَّ لَهَا النِّكَاح وَإِلَّا كره فَمَا قيل إِنَّه يسْتَحبّ لَهَا ذَلِك مُطلقًا مَرْدُود وَيسن أَن يتَزَوَّج بكرا لخَبر الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك إِلَّا لعذر كضعف آلَته عَن الافتضاض أَو احْتِيَاجه لمن يقوم على عِيَاله دينة لَا فاسقة جميلَة لوُرُود خبر الصَّحِيحَيْنِ تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بِذَات الدّين تربت يداك أَي افْتَقَرت إِن لم تفعل واستغنيت إِن فعلت

وَخبر تزوجوا الْوَلُود الْوَدُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة وَيعرف كَون الْبكر ولودا بأقاربها نسيبة أَي طيبَة الأَصْل لخَبر تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ غير ذَات قرَابَة قريبَة بِأَن تكون أَجْنَبِيَّة أَو ذَات قرَابَة بعيدَة لضعف الشَّهْوَة فِي الْقَرِيبَة فَيَجِيء الْوَلَد نحيفا

(وَيجوز للْحرّ أَن يجمع) فِي نِكَاح (بَين أَربع حرائر) فَقَط لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغيلان وَقد أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن وَإِذا امْتنع فِي الدَّوَام فَفِي الِابْتِدَاء أولى

فَائِدَة ذكر ابْن عبد السَّلَام أَنه كَانَ فِي شَرِيعَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الْجَوَاز من غير حصر تَغْلِيبًا لمصْلحَة الرِّجَال وَفِي شَرِيعَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يجوز غير وَاحِدَة تَغْلِيبًا لمصْلحَة النِّسَاء وراعت شَرِيعَة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ مصلحَة النَّوْعَيْنِ

قَالَ ابْن النَّقِيب وَالْحكمَة فِي تَخْصِيص الْحر بالأربع أَن الْمَقْصُود من النِّكَاح الألفة والمؤانسة وَذَلِكَ يفوت مَعَ الزِّيَادَة على الْأَرْبَع وَلِأَنَّهُ بالقسم يغيب عَن كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ ثَلَاث لَيَال وَهِي مُدَّة قريبَة اه

وَقد تتَعَيَّن الْوَاحِدَة للْحرّ وَذَلِكَ فِي كل نِكَاح توقف على الْحَاجة كالسفيه وَالْمَجْنُون وَقَالَ بعض الْخَوَارِج الْآيَة تدل على جَوَاز تسع مثنى بِاثْنَيْنِ

وَثَلَاث بِثَلَاث وَربَاع بِأَرْبَع ومجموع ذَلِك تسع

وَبَعض مِنْهُم قَالَ تدل على ثَمَانِيَة عشرَة مثنى اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاث ثَلَاثَة ثَلَاثَة وَربَاع أَرْبَعَة أَرْبَعَة ومجموع ذَلِك مَا ذكر

وَهَذَا خرق للْإِجْمَاع

الْيَمين من غير حصر سَوَاء أكن مَعَ الْحَرَائِر أَو منفردات وَهُوَ كَذَلِك لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا فَوَاحِدَة أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم}

<<  <  ج: ص:  >  >>