تَنْبِيه اسْتُفِيدَ من تَقْيِيد المُصَنّف بالحرائر جَوَاز الْجمع بَين الْإِمَاء بِملك
(و) يجوز (للْعَبد أَن يجمع بَين اثْنَتَيْنِ) فَقَط لِأَن الحكم بن عتيبة نقل إِجْمَاع الصَّحَابَة فِيهِ وَلِأَنَّهُ على النّصْف من الْحر وَلِأَن النِّكَاح من بَاب الْفَضَائِل فَلم يلْحق العَبْد فِيهِ بِالْحرِّ كَمَا لم يلْحق الْحر بِمنْصب النُّبُوَّة فِي الزِّيَادَة على الْأَرْبَع
والمبعض كالقن كَمَا صرح بِهِ أَبُو حَامِد وَالْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهمَا فَلَو نكح الْحر خمْسا مثلا بِعقد وَاحِد أَو العَبْد ثَلَاثًا كَذَلِك بطلن إِذْ لَيْسَ إبِْطَال نِكَاح وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِأولى من الْأُخْرَى فَبَطل الْجَمِيع كَمَا لَو جمع بَين أُخْتَيْنِ أَو مُرَتبا فالخامسة للْحرّ وَالثَّالِثَة للْعَبد يبطل نِكَاحهَا لِأَن الزِّيَادَة على الْعدَد الشَّرْعِيّ حصل بهَا
(وَلَا ينْكح الْحر أمة) لغيره (إِلَّا بِشَرْطَيْنِ) بل بِثَلَاثَة وَإِن عَم الثَّالِث الْحر وَغَيره
واختص بِالْمُسلمِ أول الثَّلَاثَة (عدم) قدرته على (صدَاق الْحرَّة) وَلَو كِتَابِيَّة تصلح تِلْكَ الْحرَّة للاستمتاع بهَا أَو قدر على صَدَاقهَا وَلم يجدهَا أَو وجدهَا وَلم ترض إِلَّا بِزِيَادَة على مهر مثلهَا أَو لم ترض بنكاحه لقُصُور نسبه وَنَحْوه أَو كَانَ تَحْتَهُ من لَا تصلح للاستمتاع كصغيرة لَا تحْتَمل الْوَطْء أَو رتقاء أَو قرناء أَو هرمة أَو نَحْو ذَلِك فَلَو قدر على حرَّة غَائِبَة عَن بَلَده حلت لَهُ الْأمة إِن لحقه مشقة ظَاهِرَة فِي قَصدهَا
وَضبط الإِمَام الْمَشَقَّة بِأَن ينْسب محتملها فِي طلب الزَّوْجَة إِلَى الْإِسْرَاف ومجاوزة الْحَد أَو خَافَ زنا مُدَّة قصد الْحرَّة وَإِلَّا فَلَا تحل لَهُ الْأمة
وَيجب السّفر للْحرَّة لَكِن مَحَله كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ إِذا أمكن انتقالها مَعَه إِلَى وَطنه وَإِلَّا فَهِيَ كالمعدومة لما فِي تَكْلِيفه الْمقَام مَعهَا هُنَاكَ من التَّغْرِيب والرخص لَا تحْتَمل هَذَا التَّضْيِيق
وَلَا يمْنَع مَاله الْغَائِب نِكَاح الْأمة وَلَو قدر على حرَّة بِبيع مَسْكَنه حلت لَهُ الْأمة وَلَو وجد حرَّة ترْضى بمؤجل وَلم يجد الْمهْر أَو ترْضى بِدُونِ مهر الْمثل وَهُوَ واجده حلت لَهُ الْأمة فِي الصُّورَة الأولى لِأَن ذمَّته تصير مَشْغُولَة فِي الْحَال وَقد لَا يجده عِنْد حُلُول الْأَجَل دون الصُّورَة الثَّانِيَة لقدرته على نِكَاح حرَّة والْمنَّة فِي ذَلِك قَليلَة إِذْ الْعَادة الْمُسَامحَة فِي المهور
وَلَو رضيت حرَّة بِلَا مهر حلت لَهُ الْأمة أَيْضا لوُجُوب مهرهَا بِالْوَطْءِ
(و) ثَانِي الشُّرُوط (خوف الْعَنَت) وَهُوَ الْوُقُوع فِي الزِّنَا بِأَن تغلب شَهْوَته وتضعف تقواه وَإِن لم يغلب على ظَنّه وُقُوع الزِّنَا بل توقعه لَا على ندور فَمن ضعفت شَهْوَته وَله تقوى أَو مُرُوءَة أَو حَيَاء يستقبح مَعَه الزِّنَا وقويت شَهْوَته وتقواه لم تحل لَهُ الْأمة لِأَنَّهُ لَا يخَاف الزِّنَا فَلَا يجوز لَهُ أَن يرق وَلَده لفضاء وطر أَو كسر شَهْوَة
وأصل الْعَنَت الْمَشَقَّة سمي بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَببهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا والعقوبة فِي الْآخِرَة
وَالْأَصْل فِيمَا ذكر قَوْله تَعَالَى {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم}