إِلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت مِنْكُم} والطول السعَة وَالْمرَاد بالمحصنات الْحَرَائِر
قَالَ الرَّوْيَانِيّ وبالعنت عُمُومه لَا خصوصه حَتَّى لَو خَافَ الْعَنَت من أمة بِعَينهَا لقُوَّة ميله إِلَيْهَا وحبه لَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا إِذا كَانَ واجدا للطول لِأَن الْعِشْق لَا معنى لاعتباره هُنَا لِأَن هَذَا تهييج من البطالة وإطالة الْفِكر وَكم من إِنْسَان ابتلى بِهِ وَسَلاهُ اه
وَالْوَجْه ترك التَّقْيِيد بِوُجُود الطول لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَاز نِكَاحهَا عِنْد فقد الطول فَيفوت اعْتِبَار عُمُوم الْعَنَت مَعَ أَن وجود الطول كَاف فِي الْمَنْع من نِكَاحهَا وَبِهَذَا الشَّرْط علم أَن الْحر لَا ينْكح أمتين وَأَن الْمَمْسُوح والمجبوب ذكره لَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة مُطلقًا وَهُوَ كَذَلِك إِذْ لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الزِّنَا
وَلَو وجدت الْأمة زَوجهَا مجبوبا وأرادت إبِْطَال النِّكَاح وَادّعى الزَّوْج حُدُوث الْجب بعد النِّكَاح وَأمكن حكم بِصِحَّة نِكَاحه فَإِن لم يُمكن حُدُوثه بِأَن كَانَ الْموضع مندملا وَقد عقد النِّكَاح أمس حكم بِبُطْلَان النِّكَاح
وَالشّرط الثَّالِث إسْلَامهَا لمُسلم حر أَو غَيره كَمَا مر فَلَا تحل لَهُ كِتَابِيَّة أما الْحر فَلقَوْله تَعَالَى {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} وَأما غير الْحر فَلِأَن الْمَانِع من نِكَاحهَا كفرها فساوى الْحر كالمرتدة والمجوسية وَمن بَعْضهَا رَقِيق وباقيها حر حكمهَا كرقيق كلهَا فَلَا ينْكِحهَا الْحر إِلَّا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَة لِأَن إرقاق بعض الْوَلَد مَحْذُور
وَفِي جَوَاز نِكَاح أمة مَعَ تيَسّر مبعضة تردد للْإِمَام لِأَن إرقاق بعض الْوَلَد أَهْون من إرقاق كُله وعَلى تَعْلِيل الْمَنْع اقْتصر الشَّيْخَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْمُرَجح
أما غير الْمُسلم من حر وَغَيره ككتابيين فَتحل لَهُ أمة كِتَابِيَّة لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدّين وَلَا بُد فِي نِكَاح الْحر الْكِتَابِيّ الْأمة الْكِتَابِيَّة من أَن يخَاف الزِّنَا ويفقد الْحرَّة كَمَا فهمه السُّبْكِيّ من كَلَامهم
وَاعْلَم أَنه لَا يحل للْحرّ مُطلقًا نِكَاح أمة وَلَده وَلَا أمة مُكَاتبَة وَلَا أمة مَوْقُوفَة عَلَيْهِ وَلَا موصى لَهُ بخدمتها
القَوْل فِي أَنْوَاع النّظر إِلَى الْمَرْأَة (وَنظر الرجل) الْفَحْل الْبَالِغ الْعَاقِل (إِلَى الْمَرْأَة) وَلَو غير مشتهاة (على سَبْعَة أضْرب) بِتَقْدِيم السِّين على الْمُوَحدَة فَخرج بِقَيْد الرجل وَالْمَرْأَة وَسَيَأْتِي حكم نظرها لمثلهَا لَكِن عِبَارَته توهم خُرُوج الْخُنْثَى الْمُشكل وَالصَّحِيح أَن حكمه فِي النّظر حكم الرجل وبقيد الْفَحْل الْمَمْسُوح فنظره للأجنبية جَائِز على الْأَصَح كنظر الْفَحْل إِلَى مَحَارمه
تَنْبِيه شَمل قَول المُصَنّف الرجل الْفَحْل الْخصي وَهُوَ من قلعت أنثياه وَبَقِي ذكره والمجبوب بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ من قطع ذكره وَبَقِي أنثياه والعنين وَالشَّيْخ الْهَرم والمخنث وَهُوَ بِكَسْر النُّون على الْأَفْصَح المتشبه بِالنسَاء
وبقيد الْبَالِغ الصَّبِي وَلَو مُمَيّزا لَكِن الْمُرَاهق هُنَا كَالْبَالِغِ على الْأَصَح وبقيد الْعَاقِل الْمَجْنُون فنظره لَا يُوصف بِتَحْرِيم كالبهيمة
(أَحدهَا نظره) أَي الرجل (إِلَى) بدن امْرَأَة (أَجْنَبِيَّة) غير الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَلَو غير مشتهاة قصدا (لغير حَاجَة) مِمَّا سَيَأْتِي (فَغير جَائِز) قطعا وَإِن إِلَى الاختلاء بهَا لجماع أَو مقدماته بِالْإِجْمَاع كَمَا قَالَه الإِمَام وَلَو نظر إِلَيْهِمَا بِشَهْوَة وَهِي قصد التَّلَذُّذ بِالنّظرِ الْمُجَرّد وَأمن الْفِتْنَة حرم قطعا وَكَذَا يحرم النّظر إِلَيْهِمَا عِنْد الْأَمْن من الْفِتْنَة فِيمَا يظْهر لَهُ من نَفسه من غير شَهْوَة على الصَّحِيح كَمَا فِي الْمِنْهَاج كَأَصْلِهِ
وَوَجهه الإِمَام بِاتِّفَاق الْمُسلمين على منع النِّسَاء من الْخُرُوج سافرات الْوُجُوه وَبِأَن النّظر مَظَنَّة الْفِتْنَة ومحرك للشهوة وَقد قَالَ تَعَالَى قل أَمن الْفِتْنَة وَأما نظره