للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطش غسلهمَا وجوبا سَوَاء أخرجتا من الْمنْكب أم من غَيره ليتَحَقَّق إتْيَان الْفَرْض بِخِلَاف نَظِيره من السّرقَة تقطع إِحْدَاهمَا فَقَط كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَابهَا لِأَن الْوضُوء مبناه على الِاحْتِيَاط لِأَنَّهُ عبَادَة وَالْحَد مبناه على الدرء لِأَنَّهُ عُقُوبَة وتجري هَذِه الْأَحْكَام فِي الرجلَيْن وَإِن تدلت جلدَة الْعَضُد مِنْهُ لم يجب غسل شَيْء مِنْهَا لَا المحاذي وَلَا غَيره لِأَن اسْم الْيَد لَا يَقع عَلَيْهَا مَعَ خُرُوجهَا عَن مَحل الْفَرْض أَو تقلصت جلدَة الذِّرَاع مِنْهُ وَجب غسلهَا لِأَنَّهَا مِنْهُ وَإِن تدلت جلدَة أَحدهمَا من الآخر بِأَن تقلعت من أَحدهمَا وَبلغ التقلع إِلَى الآخر ثمَّ تدلت مِنْهُ فالاعتبار بِمَا انْتهى إِلَيْهِ تقلعها لَا بِمَا مِنْهُ تقلعها فَيجب غسلهَا فِيمَا إِذا بلغ تقلعها من الْعَضُد إِلَى الذِّرَاع دون مَا إِذا بلغ من الذِّرَاع إِلَى الْعَضُد لِأَنَّهَا صَارَت جُزْءا من مَحل الْفَرْض فِي الأول دون الثَّانِي وَلَو التصقت بعد تقلعها من أَحدهمَا بِالْآخرِ وَجب غسل محاذي الْفَرْض مِنْهَا دون غَيره ثمَّ إِن تجافت عَنهُ وَجب غسل مَا تحتهَا أَيْضا لندرته وَإِن سترته اكْتفى بِغسْل ظَاهرهَا وَلَا يجب فتقها فَلَو غسله ثمَّ زَالَت عَنهُ لزمَه غسل مَا ظهر من تحتهَا لِأَن الِاقْتِصَار على ظَاهرهَا كَانَ للضَّرُورَة وَقد زَالَت وَلَو تَوَضَّأ فَقطعت يَده أَو تثقبت لم يجب غسل مَا ظهر إِلَّا لحَدث فَيجب غسله كَالظَّاهِرِ أَصَالَة وَلَو عجز عَن الْوضُوء لقطع يَده مثلا وَجب عَلَيْهِ أَن يحصل من يوضئه وَلَو بِأُجْرَة مثل وَالنِّيَّة من الْآذِن فَإِن تعذر عَلَيْهِ ذَلِك تيَمّم وَصلى وَعَاد لندرة ذَلِك

(و) الرَّابِع من الْفُرُوض (مسح بعض الرَّأْس) بِمَا يُسمى مسحا وَلَو لبَعض بشرة رَأسه أَو بعض شَعْرَة وَلَو وَاحِدَة أَو بَعْضهَا فِي حد الرَّأْس بِأَن لَا يخرج بِالْمدِّ عَنهُ من جِهَة نُزُوله فَلَو خرج بِهِ عَنهُ مِنْهَا لم يكف حَتَّى لَو كَانَ متجعدا بِحَيْثُ لَو مد لخرج عَن الرَّأْس لم يكف الْمسْح عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم}

وروى مُسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بناصيته وعَلى عمَامَته

وَاكْتفى بمسح الْبَعْض فِيمَا ذكر لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم من الْمسْح عِنْد إِطْلَاقه وَلم يقل أحد بِوُجُوب خُصُوص الناصية وَهِي الشّعْر الَّذِي بَين النزعتين والاكتفاء بهَا يمْنَع وجوب الِاسْتِيعَاب وَيمْنَع وجوب التَّقْدِير بِالربعِ أَو أَكثر لِأَنَّهَا دونه وَالْبَاء إِذا دخلت على مُتَعَدد كَمَا فِي الْآيَة تكون للتَّبْعِيض أَو على غَيره كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} تكون للإلصاق

فَإِن قيل لَو غسل بشرة الْوَجْه وَترك الشّعْر أَو عَكسه لم يجزه فَهَلا كَانَ هُنَا كَذَلِك أُجِيب بِأَن كلا من الشّعْر والبشرة يصدق عَلَيْهِ مُسَمّى الرَّأْس عرفا إِذْ الرَّأْس اسْم لما رُؤْس وَعلا وَالْوَجْه مَا تقع بِهِ المواجهة وَهِي تقع على الشّعْر والبشرة مَعًا

فَإِن قيل هلا اكْتفى بِالْمَسْحِ على النَّازِل عَن حد الرَّأْس كَمَا اكْتفى بذلك للتقصير فِي النّسك

<<  <  ج: ص:  >  >>