أُجِيب بِأَن الماسح عَلَيْهِ غير ماسح على الرَّأْس والمأمور بِهِ فِي التَّقْصِير إِنَّمَا هُوَ شعر الرَّأْس وَهُوَ صَادِق بالنازل
وَيَكْفِي غسل بعض الرَّأْس لِأَنَّهُ مسح وَزِيَادَة وَوضع الْيَد عَلَيْهِ بِلَا مد لحُصُول الْمَقْصُود من وُصُول البلل إِلَيْهِ وَلَو قطر المَاء على رَأسه أَو تعرض للمطر وَإِن لم ينْو الْمسْح أَجزَأَهُ لما مر ويجزىء مسح بِبرد وثلج لَا يذوبان لما ذكره وَلَو حلق رَأسه بعد مَسحه لم يعد الْمسْح لما مر فِي قطع الْيَد
(و) الْخَامِس من الْفُرُوض (غسل) جَمِيع (الرجلَيْن) بِإِجْمَاع من يعْتد بإجماعه (مَعَ الْكَعْبَيْنِ) من كل رجل أَو قدرهما إِن فقدا كَمَا مر فِي الْمرْفقين وهما العظمان الناتئان من الْجَانِبَيْنِ عِنْد مفصل السَّاق والقدم فَفِي كل رجل كعبان لما روى النُّعْمَان بن بشير أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أقِيمُوا صفوفكم فَرَأَيْت الرجل منا يلصق مَنْكِبه بمنكب صَاحبه وكعبه بكعبه
رَوَاهُ البُخَارِيّ قَالَ تَعَالَى {وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} قرىء فِي السَّبع بِالنّصب والجر عطفا على الْوُجُوه لفظا فِي الأول وَمعنى فِي الثَّانِي لجره على الْجَوَاز وَدلّ على دُخُول الْكَعْبَيْنِ فِي الْغسْل مَا دلّ على دُخُول الْمرْفقين فِيهِ وَقد مر
تَنْبِيه مَا أطلقهُ الْأَصْحَاب هُنَا من أَن غسل الرجلَيْن فرض مَحْمُول كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ على غير لابس الْخُف أَو على أَن الأَصْل الْغسْل وَالْمسح بدل عَنهُ وَيجب إِزَالَة مَا فِي شقوق الرجلَيْن من عين كشمع وحناء
وَقَالَ الْجُوَيْنِيّ لم يصل إِلَى اللَّحْم وَيحمل على مَا إِذا كَانَ فِي اللَّحْم غور أخذا مِمَّا مر عَن الْمَجْمُوع وَلَا أثر لدهن ذائب ولون نَحْو حناء وَيجب إِزَالَة مَا تَحت الْأَظْفَار من وسخ يمْنَع وُصُول المَاء وَلَو قطع بعض الْقدَم وَجب غسل الْبَاقِي وَإِن قطع فَوق الكعب فَلَا فرض عَلَيْهِ وَيسن غسل الْبَاقِي كَمَا مر فِي الْيَدَيْنِ
(و) السَّادِس من الْفُرُوض (التَّرْتِيب على) حكم (مَا ذَكرْنَاهُ) من الْبدَاءَة بِغسْل الْوَجْه مَقْرُونا بِالنِّيَّةِ ثمَّ الْيَدَيْنِ ثمَّ مسح الرَّأْس ثمَّ غسل الرجلَيْن لفعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُبين للْوُضُوء الْمَأْمُور بِهِ رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع ابدأوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذكر ممسوحا بَين مغسولات وتفريق المتجانس لَا ترتكبه الْعَرَب إِلَّا لفائدة وَهِي هُنَا وجوب التَّرْتِيب لَا نَدبه بِقَرِينَة الْأَمر فِي الْخَبَر وَلِأَن الْآيَة بَيَان للْوُضُوء الْوَاجِب فَلَو اسْتَعَانَ بأَرْبعَة غسلوا أعضاءه دفْعَة وَاحِدَة وَنوى حصل لَهُ غسل وَجهه فقد وَلَو اغْتسل مُحدث حَدثا أَصْغَر بنية رفع