وَيخْتَلف باخْتلَاف الْبِلَاد حرا وبردا
وَيجب لَهَا ثمن مَاء غسل جماع ونفاس من الزَّوْج إِن احْتَاجَت لشرائه لَا مَاء غسل من حيض واحتلام إِذْ لَا صنع مِنْهُ وَيجب لَهَا آلَات أكل وَشرب وآلات طبخ كَقدْر وقصعة وكوز وجرة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا غنى لَهَا عَنهُ كمغرفة وَمَا تغسل فِيهِ ثِيَابهَا
وَيجب لَهَا عَلَيْهِ تهيئة مسكن لِأَن الْمُطلقَة يجب لَهَا ذَلِك لقَوْله تَعَالَى {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم} فالزوجة أولى وَلَا بُد أَن يكون الْمسكن يَلِيق بهَا عَادَة لِأَنَّهَا لَا تملك الِانْتِقَال مِنْهُ وَلَا يشْتَرط فِي الْمسكن كَونه ملكه
(وَإِن كَانَت) تِلْكَ الزَّوْجَة (مِمَّن يخْدم مثلهَا) بِأَن كَانَت مِمَّن تخْدم فِي بَيت أَبِيهَا لكَونهَا لَا يَلِيق بهَا خدمَة نَفسهَا (فَعَلَيهِ إخدامها) لِأَنَّهُ من المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ وَذَلِكَ إِمَّا بحرة أَو أمة لَهُ أَو لَهَا
أَو مستأجرة أَو بِالْإِنْفَاقِ على من صحبتهَا من حرَّة أَو أمة لخدمة لحُصُول الْمَقْصُود بِجَمِيعِ ذَلِك
وَسَوَاء فِي وجوب الإخدام مُوسر ومتوسط ومعسر ومكاتب وَعبد كَسَائِر الْمُؤَن لِأَن ذَلِك من المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُور بهَا فَإِن أخدمها الزَّوْج بحرة أَو أمة بِأُجْرَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ غير الْأُجْرَة وَإِن أخدمها بأمته أنْفق عَلَيْهَا بِالْملكِ وَإِن أخدمها بِمن صحبتهَا حرَّة كَانَت أَو أمة لزمَه نَفَقَتهَا وفطرتها
فَائِدَة الْخَادِم يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى وَفِي لُغَة قَليلَة يُقَال للْأُنْثَى خادمة وجنس طَعَام الْخَادِم جنس طَعَام الزَّوْجَة
وَقد مر وَهُوَ مد على الْمُعسر جزما وعَلى الْمُتَوَسّط الْأَصَح قِيَاسا على الْمُعسر وعَلى الْمُوسر مد وَثلث على النَّص
وَأقرب مَا قيل فِي تَوْجِيهه أَن نَفَقَة الْخَادِم على الْمُتَوَسّط مد وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة وَالْمدّ وَالثلث على الْمُوسر وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة
وَالْمدّ وَالثلث على الْمُوسر وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة وَيجب للخادم أَيْضا كسْوَة تلِيق بِحَالهِ وَلَو على متوسط ومعسر وَلَا يجب لَهُ سَرَاوِيل لِأَنَّهُ للزنية وَكَمَال السّتْر وَيجب لَهُ الْأدم لِأَن الْعَيْش لَا يتم بِدُونِهِ وجنسه جنس أَدَم المخدومة وَلَكِن نَوعه دون نَوعه على الْأَصَح
وَمن تخْدم نَفسهَا فِي الْعَادة لَهَا أَن تتَّخذ خَادِمًا وتنفق عَلَيْهِ من مَالهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا
كَمَا فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا
فَإِن احْتَاجَت حرَّة كَانَت أَو أمة إِلَى خدمَة لمَرض بهَا أَو زمانة وَجب إخدامها لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ فَأَشْبَهت من لَا يَلِيق بهَا خدمَة نَفسهَا بل أولى لِأَن الْحَاجة أقوى مِمَّا نقص من الْمُرُوءَة وَلَا إخدام حَال الصِّحَّة لزوجة رقيقَة الْكل أَو الْبَعْض لِأَن الْعرف أَن تخْدم نَفسهَا وَإِن كَانَت جميلَة
تَنْبِيه يجب فِي الْمسكن وَالْخَادِم إمتاع لَا تمْلِيك
لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط كَونهمَا ملكه وَيجب فِيمَا يستهلك لعدم بَقَاء عينه كطعام وأدم تمْلِيك فتتصرف فِيهِ الْحرَّة بِمَا شَاءَت أما الْأمة فَإِنَّمَا يتَصَرَّف فِي ذَلِك سَيِّدهَا
فَلَو قترت بعد قبض نَفَقَتهَا بِمَا يَضرهَا منعهَا زَوجهَا من ذَلِك وَمَا دَامَ نَفعه مَعَ بَقَاء عينه ككسوة وفرش وظروف طَعَام وشراب وآلات تنظيف ومشط تمْلِيك فِي الْأَصَح
وتعطى الزَّوْجَة الْكسْوَة أول فصل شتاء وَأول فصل صيف لقَضَاء الْعرف بذلك هَذَا إِذا وَافق النِّكَاح أول الْفَصْل وَإِلَّا وَجب إعطاؤها فِي أول كل سِتَّة أشهر من حِين الْوُجُوب فَإِن أَعْطَاهَا الْكسْوَة أول فصل مثلا ثمَّ تلفت فِيهِ بِلَا تَقْصِير مِنْهَا لم تبدل لِأَنَّهُ وفاها مَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ إِذا تلفت فِي يَدهَا
فَإِن مَاتَ أَو أَبَانهَا بِطَلَاق أَو غَيره أَو مَاتَت فِي أثْنَاء فصل لم ترد وَلَو لم يكس الزَّوْج مُدَّة فدين عَلَيْهِ
وَالْوَاجِب فِي الْكسْوَة الثِّيَاب لَا قيمتهَا وَعَلِيهِ خياطتها وَلها بيعهَا لِأَنَّهَا ملكهَا وَلَو لبست دونهَا منعهَا لِأَن لَهُ غَرضا فِي تجملها
القَوْل فِي الْإِعْسَار بِنَفَقَة الزَّوْجَة (وَإِن أعْسر) الزَّوْج (بنفقتها) الْمُسْتَقْبلَة لتلف مَاله مثلا فَإِن صبرت بهَا وأنفقت على نَفسهَا من مَالهَا أَو مِمَّا فَإِن لم تصبر
(فلهَا فسخ النِّكَاح) بِالطَّرِيقِ الْآتِي لقَوْله تَعَالَى {فإمساك بِمَعْرُوف} أَو اقترضته صَار دينا عَلَيْهِ وَإِن لم يقرضها القَاضِي كَسَائِر الدُّيُون المستقرة {تَسْرِيح بِإِحْسَان}