فَإِذا عجز عَن الأول تعين الثَّانِي وَلِأَنَّهَا إِذا فسخت بالجب أَو الْعنَّة فبالعجز عَن النَّفَقَة أولى لِأَن الْبدن لَا يقوم بِدُونِهَا بِخِلَاف الْوَطْء
أما لَو أعْسر بِنَفَقَة مَا مضى فَلَا فسخ على الْأَصَح وَلَا فسخ أَيْضا بالإعسار بِنَفَقَة الْخَادِم وَلَا بامتناع مُوسر من الْإِنْفَاق سَوَاء أحضر أم غَابَ عَنْهَا لتمكنها من تَحْصِيل حَقّهَا بالحاكم وَلَو حضر الزَّوْج وَغَابَ مَاله فَإِن كَانَ غَائِبا بمسافة الْقصر فَأكْثر فلهَا الْفَسْخ وَلَا يلْزمهَا الصَّبْر للضَّرَر فَإِن كَانَ دون مَسَافَة الْقصر فَلَا فسخ لَهَا
وَيُؤمر بإحضاره بِسُرْعَة وَلَو تبرع شخص بهَا عَن زوج مُعسر لم يلْزمهَا الْقبُول بل لَهَا الْفَسْخ لما فِيهِ من الْمِنَّة نعم لَو كَانَ الْمُتَبَرّع أَبَا أَو جدا وَالزَّوْج تَحت حجره وَجب عَلَيْهَا الْقبُول وقدرة الزَّوْج على الْكسْب كالقدرة على المَال وَإِنَّمَا تفسخ الزَّوْجَة بعجز الزَّوْج عَن نَفَقَة مُعسر فَلَو عجز عَن نَفَقَة مُوسر أَو متوسط لم تفسخ لِأَن نَفَقَته الْآن نَفَقَة مُعسر فَلَا يصير الزَّائِد دينا عَلَيْهِ والإعسار بالكسوة كالإعسار بِالنَّفَقَةِ إِلَّا إِذا لَا بُد مِنْهَا وَلَا يبْقى الْبدن بِدُونِهَا غَالِبا وَلَا تفسخ بإعساره من الْأدم والمسكن لِأَن النَّفس تقوم بدونهما بِخِلَاف الْقُوت (و) كَذَلِك يثبت لَهَا خِيَار الْفَسْخ (إِن أعْسر بِالصَّدَاقِ قبل الدُّخُول) للعجز عَن تَسْلِيم الْعِوَض مَعَ بَقَاء المعوض فَأشبه مَا إِذا لم يقبض البَائِع الثّمن حَتَّى حجر على المُشْتَرِي بالفلس وَالْمَبِيع بَاقٍ بِعَيْنِه وَلَا تفسخ بعده لتلف المعوض وصيرورة الْعِوَض دينا فِي الذِّمَّة
تَنْبِيه لَو قبضت بعض الْمهْر قبل الدُّخُول كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد وأعسر بِالْبَاقِي كَانَ لَهَا الْفَسْخ كَمَا أفتى بِهِ الْبَارِزِيّ وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام المُصَنّف لصدق الْعَجز عَن الْمهْر بِالْعَجزِ عَن بعضه
وَبِه صرح الْجَوْزِيّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيّ هُوَ الْأَوْجه نقلا وَمعنى وَإِن أفتى ابْن الصّلاح بِأَنَّهُ لَا فسخ إِذْ يلْزم على إفتائه إِجْبَار الزَّوْجَة على تَسْلِيم نَفسهَا بِتَسْلِيم بعض الصَدَاق
وَلَو أجبرت لاتخذ الْأزْوَاج ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى إبِْطَال حق الْمَرْأَة من حبس نَفسهَا بِتَسْلِيم دِرْهَم وَاحِد من صدَاق هُوَ ألف دِرْهَم وَهُوَ فِي غَايَة الْبعد
تَتِمَّة لَا فسخ بإعسار زوج بِشَيْء مِمَّا ذكر حَتَّى يثبت عِنْد قَاض بعد الرّفْع إِلَيْهِ إِعْسَاره بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار فيفسخه بِنَفسِهِ أَو بنائبه بعد الثُّبُوت أَو يَأْذَن لَهَا فِيهِ
وَلَيْسَ لَهَا مَعَ علمهَا بِالْعَجزِ الْفَسْخ قبل الرّفْع إِلَى القَاضِي وَلَا بعده قبل الْإِذْن فِيهِ
نعم إِن عجزت عَن الرّفْع إِلَى القَاضِي وفسخت نفذ ظَاهرا وَبَاطنا للضَّرُورَة ثمَّ على ثُبُوت الْفَسْخ بإعسار الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ يجب إمهاله ثَلَاثَة أَيَّام وَإِن لم يطْلب الزَّوْج الْإِمْهَال ليتَحَقَّق عَجزه فَإِنَّهُ قد يعجز لعَارض ثمَّ يَزُول وَهِي مُدَّة قريبَة يتَوَقَّع فِيهَا الْقُدْرَة بقرض أَو غَيره
وَلها خُرُوج فِيهَا لتَحْصِيل نَفَقَة مثلا بكسب وسؤال وَعَلَيْهَا رُجُوع لمسكنها لَيْلًا لِأَنَّهُ وَقت الدعة
وَلَيْسَ لَهَا مَنعه من التَّمَتُّع ثمَّ بعد الْإِمْهَال يفْسخ القَاضِي أَو هِيَ بِإِذْنِهِ صَبِيحَة الرَّابِع نعم إِن لم يكن فِي النَّاحِيَة قَاض وَلَا مُحكم فَفِي الْوَسِيط لَا خلاف فِي استقلالها بِالْفَسْخِ فَإِن سلم نَفَقَة الْيَوْم الرَّابِع فَلَا فسخ لتبين زَوَال مَا كَانَ الْفَسْخ لأَجله
فَإِن أعْسر بَعْدَمَا سلم نَفَقَة الْيَوْم الرَّابِع بِنَفَقَة الْخَامِس بنت على الْمدَّة وَلم تستأنفها كَمَا لَو أيسر فِي الثَّالِث ثمَّ أعْسر فِي الرَّابِع فَإِنَّهَا تبني وَلَا تسْتَأْنف وَلَو رضيت قبل النِّكَاح أَو بعده بإعساره