بِنَفس الْأسر وَيقطع بِهِ نِكَاحه
فَإِن قيل هَذَا يُخَالف قَوْلهم إِن الْحَرْبِيّ إِذا بذل الْجِزْيَة عصم نَفسه وَزَوجته من الاسترقاق
أُجِيب بِأَن المُرَاد هُنَاكَ الزَّوْجَة الْمَوْجُودَة حِين العقد
فيتناولها العقد على جِهَة التّبعِيَّة وَالْمرَاد هُنَا الزَّوْجَة المتجددة بعد العقد لِأَن العقد لم يَتَنَاوَلهَا وَيجوز إرقاق عَتيق الذِّمِّيّ إِذا كَانَ حَرْبِيّا لِأَن الذِّمِّيّ لَو الْتحق بدار الْحَرْب اسْترق فعتيقه أولى لَا عَتيق مُسلم الْتحق بدار الْحَرْب
فَلَا يسترق لِأَن الْوَلَاء بعد ثُبُوته لَا يرفع وَلَا تسْتَرق زَوْجَة الْمُسلم الحربية إِذا سبيت كَمَا صَححهُ فِي الْمِنْهَاج وَأَصله وَهُوَ الْمُعْتَمد
وَإِن كَانَ مُقْتَضى كَلَام الرَّوْضَة والشرحين الْجَوَاز فَإِنَّهُمَا سويا فِي جَرَيَان الْخلاف بَينهمَا وَبَين زَوْجَة الْحَرْبِيّ إِذا أسلم لِأَن الْإِسْلَام الْأَصْلِيّ أقوى من الْإِسْلَام الطارىء وَلَو سبيت زَوْجَة حرَّة أَو زوج حر ورق انْفَسَخ النِّكَاح لحدوث الرّقّ فَإِن كَانَا رقيقين لم يَنْفَسِخ النِّكَاح إِذْ لم يحدث رق وَإِنَّمَا انْتقل الْملك من شخص إِلَى آخر وَذَلِكَ لَا يقطع النِّكَاح كَالْبيع
وَإِذا رق الْحَرْبِيّ وَعَلِيهِ دين لغير حَرْبِيّ كمسلم وذمي لم يسْقط فيفضي من مَاله إِن غنم بعد رقّه
فَإِن كَانَ لحربي على حَرْبِيّ ورق من عَلَيْهِ الدّين بل أَو رب الدّين فَيسْقط
وَلَو رق رب الدّين وَهُوَ على غير حَرْبِيّ لم يسْقط وَمَا أَخذ من أهل الْحَرْب بِلَا رضَا من عقار أَو غَيره بِسَرِقَة أَو غَيرهَا غنيمَة مخمسة إِلَّا السَّلب خمسها لأَهله وَالْبَاقِي للآخذ وَكَذَا مَا وجد كلقطة مِمَّا يظنّ أَنه لَهُم فَإِن أمكن كَونه لمُسلم وَجب تَعْرِيفه
وَيعرف سنة إِلَّا أَن يكون حَقِيرًا كَسَائِر اللقطات
(وَيحكم للصَّبِيّ) أَي للصَّغِير ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى (بِالْإِسْلَامِ عِنْد وجود) أحد (ثَلَاثَة أَسبَاب) أَولهَا مَا ذكره بقوله (أَن يسلم أحد أَبَوَيْهِ)
وَالْمَجْنُون وَإِن جن بعد بُلُوغه كالصغير بِأَن يعلق بَين كَافِرين ثمَّ يسلم أَحدهمَا قبل بُلُوغه فَإِنَّهُ يحكم بِإِسْلَامِهِ حَالا سَوَاء أسلم أَحدهمَا قبل وَضعه أم بعده قبل تَمْيِيزه وَقبل بُلُوغه لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ}
تَنْبِيه قَول المُصَنّف أَن يسلم أحد أَبَوَيْهِ يُوهم قصره على الْأَبَوَيْنِ
وَلَيْسَ مرَادا بل فِي معنى الْأَبَوَيْنِ الأجداد والجدات وَإِن لم يَكُونُوا وارثين وَكَانَ الْأَقْرَب حَيا
فَإِن قيل إِطْلَاق ذَلِك يَقْتَضِي إِسْلَام جَمِيع الْأَطْفَال بِإِسْلَام أَبِيهِم آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
أُجِيب بِأَن الْكَلَام فِي جد يعرف النّسَب إِلَيْهِ بِحَيْثُ يحصل بَينهمَا التَّوَارُث وَبِأَن التّبعِيَّة فِي الْيَهُودِيَّة والنصرانية حكم جَدِيد وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ