وَالْمَجْنُون الْمَحْكُوم بِكُفْرِهِ كالصغير فِي تَبَعِيَّة أحد أُصُوله فِي الْإِسْلَام إِن بلغ مَجْنُونا
وَكَذَا إِن بلغ عَاقِلا ثمَّ جن فِي الْأَصَح وَإِذا حدث للْأَب ولد بعد موت الْجد مُسلما تبعه فِي أحد احْتِمَالَيْنِ رَجحه السُّبْكِيّ وَهُوَ الظَّاهِر
فَإِن بلغ الصَّغِير وَوصف كفرا بعد بُلُوغه أَو أَفَاق الْمَجْنُون وَوصف كفرا بعد إِفَاقَته فمرتد على الْأَظْهر لسبق الحكم بِإِسْلَامِهِ
فَأشبه من أسلم بِنَفسِهِ ثمَّ ارْتَدَّ وَإِن كَانَ أحد أَبَوي الصَّغِير مُسلما وَقت علوقه
فَهُوَ مُسلم بِإِجْمَاع وتغليبا لِلْإِسْلَامِ وَلَا يضر مَا يطْرَأ بعد الْعلُوق مِنْهُمَا من ردة
فَإِن بلغ وَوصف كفرا بِأَن أعرب بِهِ عَن نَفسه كَمَا فِي الْمُحَرر فمرتد قطعا لِأَنَّهُ مُسلم ظَاهرا وَبَاطنا وَثَانِيها مَا ذكره بقوله (أَو يسبيه) أَي الصَّغِير أَو الْمَجْنُون (مُسلم) وَقَوله (مُنْفَردا) حَال من ضمير الْمَفْعُول أَي حَال انْفِرَاده
(عَن أَبَوَيْهِ) فَيحكم بِإِسْلَامِهِ ظَاهرا وَبَاطنا تبعا لسابيه لِأَن لَهُ عَلَيْهِ ولَايَة وَلَيْسَ مَعَه من هُوَ أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ فيتبعه كَالْأَبِ قَالَ الإِمَام وَكَأن السابي لما أبطل حُرِّيَّته قلبه قلبا كليا
فَعدم عَمَّا كَانَ وافتتح لَهُ وجود تَحت يَد السابي وَولَايَة فَأشبه تولده بَين الْأَبَوَيْنِ الْمُسلمين
وَسَوَاء أَكَانَ السابي بَالغا عَاقِلا أم لَا أما إِذا سبي مَعَ أحد أَبَوَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يتبع السابي جزما وَمعنى كَون أحد أَبَوي الصَّغِير مَعَه أَن يَكُونَا فِي جَيش وَاحِد وغنيمة وَاحِدَة وَإِن اخْتلف سابيهما لِأَن تَبَعِيَّة الأَصْل أقوى من تَبَعِيَّة السابي فَكَانَ أولى بالاستتباع وَلَا يُؤثر موت الأَصْل بعد لِأَن التّبعِيَّة إِنَّمَا تثبت فِي ابْتِدَاء السَّبي وَخرج بِالْمُسلمِ الْكَافِر فَلَو سباه ذمِّي وَحمله إِلَى دَار الْإِسْلَام أَو مستأمن كَمَا قَالَه الدَّارمِيّ لم يحكم بِإِسْلَامِهِ فِي الْأَصَح
لِأَن كَونه من أهل دَار الْإِسْلَام لم يُؤثر فِيهِ وَلَا فِي أَوْلَاده
فَكيف يُؤثر فِي مسبيه وَلِأَن تَبَعِيَّة الدَّار إِنَّمَا تُؤثر فِي حق من لَا يعرف حَاله وَلَا نسبه
نعم هُوَ على دين سابيه كَمَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره
ثَالِثهَا مَا ذكره بقوله (أَو يُوجد لقيطا فِي دَار الْإِسْلَام) فَيحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للدَّار وَمَا ألحق بهَا وَإِن اسْتَلْحقهُ كَافِر بِلَا بَيِّنَة بنسبه هَذَا إِن وجد بِمحل وَلَو بدار كفر بِهِ مُسلم يُمكن كَونه مِنْهُ وَلَو أَسِيرًا منتشرا أَو تَاجِرًا أَو مجتازا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ
وَلِأَنَّهُ قد حكم بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغير بِمُجَرَّد دَعْوَى الِاسْتِلْحَاق وَلَكِن لَا يَكْفِي اجتيازه بدار كفر
بِخِلَافِهِ بِدَارِنَا لحرمتها وَلَو نَفَاهُ مُسلم
قبل فِي نفي نسبه لَا فِي نفي إسْلَامهَا اتِّفَاقًا لِأَن نطقه بِالشَّهَادَتَيْنِ إِمَّا خبر وَإِمَّا إنْشَاء فَإِن كَانَ خَبرا للْكَافِرِ لَيْسَ بِهِ مُسلم فَهُوَ كَافِر أما إِذا اسْتَلْحقهُ الْكَافِر بِبَيِّنَة أَو وجد اللَّقِيط بِمحل مَنْسُوب للْكفَّار لَيْسَ بِهِ مُسلم فَهُوَ كَافِر
تَنْبِيه اقْتِصَاره كَغَيْرِهِ على هَذِه الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة يدل على عدم الحكم بِإِسْلَام الصَّغِير الْمُمَيز وَهُوَ الصَّحِيح الْمَنْصُوص
فِي