القَاضِي حُسَيْن أَو مَعْصِيّة كَمَا سَيَأْتِي كشرب خمر وَصَلَاة بِحَدَث أَو مَكْرُوه كَصَوْم الدَّهْر لمن خَافَ بِهِ ضَرَرا أَو فَوت حق لم يَصح نَذره أما الْوَاجِب الْمَذْكُور فَلِأَنَّهُ لزم عينا بإلزام الشَّرْع قبل النّذر فَلَا معنى لالتزامه
وَأما الْمَكْرُوه فَلِأَنَّهُ لَا يتَقرَّب بِهِ وَلخَبَر أبي دَاوُد لَا نذر إِلَّا فِيمَا ابْتغِي بِهِ وَجه الله تَعَالَى وَلم يلْزمه بمخالفة ذَلِك كَفَّارَة
ثمَّ بَين المُصَنّف نذر المجازاة
وَهُوَ نوع من التبرر وَهُوَ الْمُعَلق بِشَيْء بقوله (كَقَوْلِه إِن شفي الله) تَعَالَى (مريضي) أَو قدم غائبي أَو نجوت من الْغَرق أَو نَحْو ذَلِك
(فَللَّه) تَعَالَى (عَليّ أَن أُصَلِّي أَو أَصوم أَو أَتصدق) وأو فِي كَلَامه تنويعية (وَيلْزمهُ) بعد حُصُول الْمُعَلق عَلَيْهِ (من ذَلِك) أَي من أَي نوع الْتَزمهُ عِنْد الْإِطْلَاق (مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم) مِنْهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة رَكْعَتَانِ على الْأَظْهر بِالْقيامِ مَعَ الْقُدْرَة حملا على أقل وَاجِب الشَّرْع وَفِي الصَّوْم يَوْم وَاحِد لِأَنَّهُ الْيَقِين فَلَا يلْزمه زِيَادَة عَلَيْهِ وَفِي الصَّدَقَة مَا يتمول شرعا وَلَا يتَقَدَّر بِخَمْسَة دَرَاهِم وَلَا بِنصْف دِينَار وَإِنَّمَا حملنَا الْمُطلق على أقل وَاجِب من جنسه كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة لِأَن ذَلِك قد يلْزمه فِي الشّركَة
فرع لَو نذر شَيْئا كَقَوْلِه إِن شفى الله مريضي فشفي ثمَّ شكّ هَل نذر صَدَقَة أَو عتقا أَو صَلَاة أَو صوما
قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ يحْتَمل أَن يُقَال عَلَيْهِ الْإِتْيَان بجميعها كمن نسي صَلَاة من الْخمس
وَيحْتَمل أَن يُقَال يجْتَهد بِخِلَاف الصَّلَاة لأَنا تَيَقنا أَن الْجَمِيع لم تجب عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا وَجب عَلَيْهِ شَيْء وَاحِد واشتبه فيجتهد كالأواني والقبلة
اه
وَهَذَا أوجه وَإِن لم يعلق النّذر بِشَيْء وَهُوَ النَّوْع الثَّانِي من نَوْعي التبرر كَقَوْلِه ابْتِدَاء لله عَليّ صَوْم أَو حج أَو غير ذَلِك
لزمَه مَا الْتَزمهُ لعُمُوم الْأَدِلَّة الْمُتَقَدّمَة وَلَو علق النّذر بِمَشِيئَة الله تَعَالَى أَو مَشِيئَة زيد لم يَصح
وَإِن شَاءَ زيد لعدم الْجَزْم اللَّائِق بِالْقربِ نعم إِن قصد بِمَشِيئَة الله تَعَالَى التَّبَرُّك أَو وُقُوع حُدُوث مَشِيئَة زيد نعْمَة مَقْصُودَة كقدوم زيد فِي قَوْله إِن قدم زيد فعلي كَذَا
فَالْوَجْه الصِّحَّة كَمَا صرح بذلك بعض الْمُتَأَخِّرين (وَلَا) يَصح (نذر فِي) فعل (مَعْصِيّة كَقَوْلِه إِن قتلت فلَانا فَللَّه عَليّ كَذَا) لحَدِيث لَا نذرع فِي مَعْصِيّة الله تَعَالَى رَوَاهُ مُسلم وَلخَبَر البُخَارِيّ الْمَار من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ وَلَا تجب بِهِ كَفَّارَة إِن حنث
وَأجَاب النَّوَوِيّ عَن خبر لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين بِأَنَّهُ ضَعِيف وَغَيره يحملهُ على نذر اللجاج وَمحل عدم لُزُومهَا بذلك
كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ إِذا لم ينْو بِهِ الْيَمين كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الرَّافِعِيّ آخرا
فَإِن نوى بِهِ الْيَمين لَزِمته الْكَفَّارَة بِالْحِنْثِ
تَنْبِيه أورد فِي التوشيح إِعْتَاق العَبْد الْمَرْهُون فَإِن الرَّافِعِيّ حكى عَن التَّتِمَّة أَن نَذره مُنْعَقد إِن نفذنا عتقه فِي الْحَال أَو عِنْد أَدَاء المَال
وَذكروا فِي الرَّهْن أَن الْإِقْدَام على عتق الْمَرْهُون لَا يجوز وَإِن تمّ الكلامان كَانَ نذرا فِي مَعْصِيّة منعقدا وَاسْتثنى غَيره
مَا لَو نذر أَن يُصَلِّي فِي أَرض مَغْصُوبَة صَحَّ النّذر وَيُصلي فِي مَوضِع آخر كَذَا ذكره الْبَغَوِيّ فِي تهذيبه وَصرح باستثنائه