الْجِرْجَانِيّ فِي إيضاحه
وَلَكِن جزم الْمحَامِلِي بِعَدَمِ الصِّحَّة
وَرجحه الْمَاوَرْدِيّ وَكَذَا الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْجَارِي على الْقَوَاعِد
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ إِنَّه الْأَقْرَب ويتأيد بِالنذرِ فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد على الصَّحِيح
(وَلَا يلْزم النّذر) بِمَعْنى لَا ينْعَقد
(على ترك) فعل (مُبَاح أَو فعله كَقَوْلِه لَا آكل لَحْمًا وَلَا أشْرب لَبَنًا وَمَا أشبه ذَلِك) لخَبر البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِذْ رأى رجلا قَائِما فِي الشَّمْس فَسَأَلَ عَنهُ
فَقَالُوا هَذَا أَبُو إِسْرَائِيل نذر أَن يَصُوم وَلَا يقْعد وَلَا يستظل
وَلَا يتَكَلَّم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مروه فَلْيَتَكَلَّمْ وليستظل وليقعد وليتم صَوْمه
وَفسّر فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا الْمُبَاح بِمَا لم يرد فِيهِ ترغيب وَلَا ترهيب وَزَاد فِي الْمَجْمُوع على ذَلِك واستوى فعله وَتَركه شرعا كنوم وَأكل وَسَوَاء أقصد بِالنَّوْمِ النشاط على التَّهَجُّد وبالأكل التقوي على الْعِبَادَة أم لَا
وَإِنَّمَا لم يَصح فِي الْقسم الأول كَمَا اخْتَارَهُ بعض الْمُتَأَخِّرين لِأَن فعله غير مَقْصُود فالثواب على الْقَصْد لَا الْفِعْل
تَنْبِيه كَانَ الأولى للْمُصَنف التَّعْبِير هُنَا بِنَفْي الِانْعِقَاد الْمَعْلُوم مِنْهُ
بِالْأولَى مَا ذكر وَيُؤْخَذ من الحَدِيث الْمَذْكُور أَن النّذر بترك كَلَام الْآدَمِيّين لَا ينْعَقد وَبِه صرح فِي الزَّوَائِد وَالْمَجْمُوع وَلَا يلْزم عقد النِّكَاح بِالنذرِ كَمَا جرى عَلَيْهِ ابْن الْمقري هُنَا وَإِن خَالف فِيهِ بعض الْمُتَأَخِّرين إِن كَانَ مَنْدُوبًا وَفِي فَتَاوَى الْغَزالِيّ أَن قَول البَائِع للْمُشْتَرِي إِن خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا فَللَّه عَليّ أَن أهبك ألفا لَغْو
لِأَن الْمُبَاح لَا يلْزم بِالنذرِ لِأَن الْهِبَة وَإِن كَانَت قربَة فِي نَفسهَا إِلَّا أَنَّهَا على هَذَا الْوَجْه لَيست قربَة وَلَا مُحرمَة
فَكَانَت مُبَاحَة كَذَا قَالَه ابْن الْمقري وَالْأَوْجه انْعِقَاد النّذر كَمَا لَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فَللَّه عَليّ أَن أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
وَفِي فَتَاوَى بعض الْمُتَأَخِّرين أَنه يَصح نذر الْمَرْأَة لزَوجهَا بِمَا وَجب لَهَا عَلَيْهِ من حُقُوق الزَّوْجِيَّة
وَيبرأ الزَّوْج وَإِن لم تكن عَالِمَة بالمقدار قِيَاسا مَا إِذا قَالَ نذرت لزيد ثَمَرَة بستاني مُدَّة حَيَاته فَإِنَّهُ صَحِيح كَمَا أفتى بِهِ البُلْقِينِيّ وَقِيَاسًا على صِحَة وقف مَا لم يره كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وتوبع عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَعم من أَن يكون الْمَوْقُوف عَلَيْهِ معينا أَو جِهَة عَامَّة
خَاتِمَة فِيهَا مسَائِل مهمة تتَعَلَّق بِالنذرِ من نذر إتْمَام نفل لزمَه إِتْمَامه أَو نذر صَوْم بعض يَوْم لم ينْعَقد أَو نذر إتْيَان الْحرم أَو شَيْء مِنْهُ لزمَه نسك من حج أَو عمْرَة
أَو نذر الْمَشْي إِلَيْهِ لزمَه مَعَ نسك مشي من مَسْكَنه أَو نذر أَن يحجّ أَو يعْتَمر مَاشِيا أَو عَكسه لزمَه مَعَ ذَلِك مشي من حَيْثُ أحرم فَإِن ركب وَلَو بِلَا عذر أَجزَأَهُ وَلَزِمَه دم وَإِن ركب بِعُذْر وَلَو نذر صَلَاة أَو صوما فِي وَقت ففاته وَلَو بِعُذْر
وَجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلَو نذر إهداء شَيْء إِلَى الْحرم لزمَه حمله إِلَيْهِ إِن سهل
وَلَزِمَه صرفه بعد ذبح مَا يذبح مِنْهُ لمساكينه
أما إِذا لم يسهل حمله كعقار فَيلْزمهُ حمل ثمنه إِلَى الْحرم
وَلَو نذر تصدقا بِشَيْء على أهل بلد معِين لزمَه صرفه لمساكينه الْمُسلمين
وَلَو نذر صَلَاة قَاعِدا جَازَ فعلهَا قَائِما لإتيانه بالأفضل لَا عَكسه وَلَو نذر عتقا أَجزَأَهُ رَقَبَة وَلَو نَاقِصَة
بِكفْر أَو غَيره أَو نذر عتق نَاقِصَة أَجزَأَهُ رَقَبَة كَامِلَة فَإِن عين نَاقِصَة كَأَن قَالَ لله عَليّ عتق هَذَا الرَّقِيق الْكَافِر
تعيّنت وَلَو نذر زيتا أَو شمعا لإسراج مَسْجِد أَو غَيره أَو وقف مَا يشتريان بِهِ من غَلَّته صَحَّ كل من النّذر وَالْوَقْف وَإِن كَانَ يدْخل الْمَسْجِد أَو غَيره من ينْتَفع بِهِ من نَحْو مصل أَو نَائِم وَإِلَّا لم يَصح لِأَنَّهُ إِضَاعَة مَال
وَلَو نذر أَن يُصَلِّي فِي أفضل الْأَوْقَات فَقِيَاس مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاق لَيْلَة الْقدر أَو فِي أحب الْأَوْقَات إِلَى الله تَعَالَى قَالَ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي أَن لَا يَصح نَذره وَالَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّة وَيكون كنذره فِي أفضل الْأَوْقَات وَلَو نذر أَن يعبد الله بِعبَادة لَا يشركهُ فِيهَا أحد
فَقيل يطوف بِالْبَيْتِ وَحده وَقيل يُصَلِّي دَاخل الْبَيْت وَحده وَقيل يتَوَلَّى الْإِمَامَة