للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَليّ السنجي لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَى تلويث بدنه وَبِه جزم الْمُحب الطَّبَرِيّ تفقها وَيُمكن حمل الْكَلَام الأول على مَا إِذا كَانَت الرُّطُوبَة بِمَاء وضوء أَو غسل مَطْلُوب لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز عَنهُ كَمَا لَو كَانَت بعرق وَالثَّانِي فِي غير ذَلِك كَمَا علم مِمَّا مر

وَيَنْبَغِي أَن يلْحق بِمَاء الطَّهَارَة مَا يتساقط من المَاء حَال شربه أَو من الطَّعَام حَال أكله أَو جعله على جرحه دَوَاء لقَوْله تَعَالَى {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَأما مَا لَا يُدْرِكهُ الْبَصَر فيعفى عَنهُ وَلَو من النَّجَاسَة الْمُغَلَّظَة لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز عَن ذَلِك

تَنْبِيه اقْتِصَار المُصَنّف فِي حصر الِاسْتِثْنَاء على مَا ذكره مَمْنُوع كَمَا علم مِمَّا تقرر وَتقدم فِي الْمِيَاه بعض صور مِنْهَا يُعْفَى عَنْهَا

(وَمَا) أَي ويعفى عَن الَّذِي (لَا نفس لَهُ سَائِلَة) من الْحَيَوَانَات عِنْد شقّ عُضْو مِنْهَا كالذباب والزنبور وَالْقمل والبراغيث وَنَحْو ذَلِك (إِذا وَقع فِي الْإِنَاء) الَّذِي فِيهِ مَائِع (وَمَات فِيهِ لَا يُنجسهُ) أَي الْمَائِع بِشَرْط أَن لَا يطرحه طارح وَلم يُغَيِّرهُ لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز عَنهُ وَلخَبَر البُخَارِيّ إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم فليغمسه كُله ثمَّ لينزعه فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء

أَي وَهُوَ الْيَسَار كَمَا قيل وَفِي الآخر شِفَاء زَاد أَبُو دَاوُد وَإنَّهُ يَتَّقِي بجناحه الَّذِي فِيهِ الدَّاء وَقد يُفْضِي غمسه إِلَى مَوته فَلَو نجس الْمَائِع لما أَمر بِهِ وَقيس بالذباب مَا فِي مَعْنَاهُ من كل ميتَة لَا يسيل دَمهَا فَلَو شككنا فِي سيل دَمهَا امتحن بِمِثْلِهَا فيجرح للْحَاجة قَالَه الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ

وَلَو كَانَت تِلْكَ الْحَيَوَانَات مِمَّا يسيل دَمهَا لَكِن لَا دم فِيهَا أَو فِيهَا دم لَا يسيل لصغرها فلهَا حكم مَا يسيل دَمهَا فَإِن غيرته الْميتَة لكثرتها أَو طرحت فِيهِ بعد مَوتهَا قصدا تنجس جزما كَمَا جزم بِهِ فِي الشَّرْح وَالْحَاوِي الصغيرين وَيُؤْخَذ من مَفْهُوم قَوْلهمَا بعد مَوتهَا قصدا أَنه لَو طرحها شخص بِلَا قصد أَو قصد طرحها على مَكَان آخر فَوَقَعت فِي الْمَائِع أَو طرحها من لَا يُمَيّز أَو قصد طرحها فِيهِ فَوَقَعت فِيهِ وَهِي حَيَّة فَمَاتَتْ فِيهِ أَنه لَا يضر وَهُوَ كَذَلِك وَإِن كَانَ فِي بعض نسخ الْكتاب وَمَاتَتْ فِيهِ فَظَاهره أَنَّهَا لَو طرحت وَهِي حَيَّة فيفصل فِيهَا بَين أَن تقع بِنَفسِهَا أم لَا

ثمَّ اعْلَم أَن الْأَعْيَان جماد وحيوان فالجماد كُله طَاهِر لِأَنَّهُ خلق لمنافع الْعباد وَلَو من بعض الْوُجُوه قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا} وَإِنَّمَا يحصل الِانْتِفَاع أَو يكمل بِالطَّهَارَةِ إِلَّا مَا نَص الشَّارِع على نَجَاسَته وَهُوَ الْمُسكر الْمَائِع وَكَذَلِكَ الْحَيَوَان كُله طَاهِر لما مر إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِع أَيْضا وَقد نبه على ذَلِك بقوله (وَالْحَيَوَان كُله طَاهِر) أَي طَاهِر الْعين حَال حَيَاته (إِلَّا الْكَلْب) وَلَو معلما لخَبر مُسلم طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَجه الدّلَالَة أَن الطَّهَارَة إِمَّا لحَدث أَو خبث أَو تكرمة وَلَا حدث على الْإِنَاء وَلَا تكرمة فتعينت طَهَارَة الْخبث فثبتت نَجَاسَة فَمه وَهُوَ أطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>