أَجْزَائِهِ بل هُوَ أطيب الْحَيَوَانَات نكهة لِكَثْرَة مَا يَلْهَث فبقيتها أولى
(وَالْخِنْزِير) بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة لِأَنَّهُ أَسْوَأ حَالا من الْكَلْب لِأَنَّهُ لَا يقتنى بِحَال وَنقض هَذَا التَّعْلِيل بالحشرات وَنَحْوهَا وَلذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ لنا دَلِيل وَاضح على نَجَاسَته لَكِن ادّعى ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على نَجَاسَته وعورض بِمذهب مَالك وَرِوَايَة عَن أبي حنيفَة أَنه طَاهِر وَيرد النَّقْض بِأَنَّهُ مَنْدُوب إِلَى قَتله من غير ضَرَر فِيهِ وَلِأَنَّهُ يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ بِحمْل شَيْء عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِك الحشرات فيهمَا
(وَمَا تولد مِنْهُمَا) أَي من جنس كل مِنْهُمَا (أَو من أَحدهمَا) مَعَ الآخر أَو مَعَ غَيره من الْحَيَوَانَات الطاهرة وَلَو آدَمِيًّا كالمتولد بَين ذِئْب وكلبة تغيبا للنَّجَاسَة لتولده مِنْهُمَا وَالْفرع يتبع الْأَب فِي النّسَب وَالأُم فِي الرّقّ وَالْحريَّة وأشرفهما فِي الدّين وَإِيجَاب الْبَدَل وَتَقْرِيره الْجِزْيَة وأخفهما فِي عدم وجوب الزَّكَاة وأخسهما فِي النَّجَاسَة وَتَحْرِيم الذَّبِيحَة والمناكحة
القَوْل فِي حكم الْميتَة (وَالْميتَة) وَهِي مَا زَالَت حَيَاتهَا لَا بِذَكَاة شَرْعِيَّة كذبيحة الْمَجُوسِيّ وَالْمحرم بِضَم الْمِيم وَمَا ذبح بالعظم وَغير الْمَأْكُول إِذا ذبح (كلهَا نَجِسَة) بِالْمَوْتِ وَإِن لم يسل دَمهَا لحُرْمَة تنَاولهَا قَالَ تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} وَتَحْرِيم مَا لَيْسَ بمحترم وَلَا ضَرَر فِيهِ يدل على نَجَاسَته وَخرج بالتعريف الْمَذْكُور الْجَنِين فَإِن ذَكَاته بِذَكَاة أمه وَالصَّيْد الَّذِي لم تدْرك ذَكَاته والمتردي إِذا مَاتَا بِالسَّهْمِ وَدخل فِي نَجَاسَة الْميتَة جَمِيع أَجْزَائِهَا من عظم وَشعر وصوف ووبر وَغير ذَلِك لِأَن كلا مِنْهَا تحله الْحَيَاة وَدخل فِي ذَلِك ميتَة نَحْو دود خل وتفاح فَإِنَّهَا نَجِسَة وَلَكِن لَا تنجسه لعسر الِاحْتِرَاز عَنْهَا وَيجوز أكله مَعَه لعسر تَمْيِيزه
(إِلَّا) ميتَة (السّمك و) ميتَة (الْجَرَاد) فطاهرتان بِالْإِجْمَاع وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته
وَالْمرَاد بالسمك كل مَا أكل من حَيَوَان الْبَحْر وَإِن لم يسم سمكًا كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْأَطْعِمَة وَالْجَرَاد اسْم جنس واحدته جَرَادَة يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى
(و) إِلَّا ميتَة (الْآدَمِيّ) فَإِنَّهَا طَاهِرَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَقَد كرمنا بني آدم} وَقَضِيَّة التكريم أَنه لَا يحكم بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ وَسَوَاء الْمُسلم وَغَيره وَأما قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} فَالْمُرَاد بِهِ نَجَاسَة الِاعْتِقَاد أَو اجتنابهم كالنجس لَا نَجَاسَة الْأَبدَان وَلَو كَانَ نجسا لأوجبنا على غاسله غسل مَا أَصَابَهُ
وَأما خبر الْحَاكِم لَا تنجسوا مَوْتَاكُم فَإِن الْمُسلم لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا فَجرى على الْغَالِب وَلِأَنَّهُ لَو تنجس بِالْمَوْتِ لَكَانَ نجس الْعين كَسَائِر الميتات وَلَو كَانَ كَذَلِك لم يُؤمر بِغسْلِهِ كَسَائِر الْأَعْيَان النَّجِسَة
فَإِن قيل لَو كَانَ طَاهِرا لم يُؤمر بِغسْلِهِ كَسَائِر الْأَعْيَان الطاهرة
أُجِيب بِأَنَّهُ عهد غسل الطَّاهِر بِدَلِيل الْمُحدث بِخِلَاف نجس الْعين
القَوْل فِي النَّجَاسَة الْمُغَلَّظَة وإزالتها (وَيغسل الْإِنَاء) وكل جامد وَلَو معضا من صيد أَو غَيره وجوبا
(من ولوغ) كل من (الْكَلْب وَالْخِنْزِير) وَفرع أَحدهمَا وَكَذَا بملاقاة شَيْء من أَجزَاء كل مِنْهُمَا سَوَاء فِي ذَلِك لعابه وبوله وَسَائِر رطوباته وأجزائه الجافة إِذا لاقت رطبا (سبع مَرَّات) بِمَاء طهُور (إِحْدَاهُنَّ) فِي غير أَرض ترابية (بِتُرَاب) طهُور يعم مَحل النَّجَاسَة بِأَن يكون قدرا يكدر المَاء ويصل بواسطته إِلَى جَمِيع أَجزَاء الْمحل وَلَا بُد من مزجه بِالْمَاءِ إِمَّا قبل وضعهما على الْمحل أَو بعده بِأَن يوضعا وَلَو مرتبين ثمَّ يمزجا قبل الْغسْل وَإِن كَانَ الْمحل رطبا إِذْ الطّهُور الْوَارِد على الْمحل بَاقٍ على طهوريته خلافًا للإسنوي فِي اشْتِرَاط المزج قبل الْوَضع على الْمحل وَالْأَصْل