الْجُمُعَة بل تسن كَمَا فِي خطْبَة الْعِيد وَلَا يَكْفِي خطْبَة وَاحِدَة ويحث فيهمَا السامعين على فعل الْخَيْر من تَوْبَة وَصدقَة وَعتق وَنَحْوهَا
فَائِدَة الْخطب الْمَشْرُوعَة عشر خطْبَة الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ والكسوفين وَالِاسْتِسْقَاء وَأَرْبع فِي الْحَج وَكلهَا بعد الصَّلَاة إِلَّا خطْبَة الْجُمُعَة وعرفة فقبلها وكل مِنْهَا ثِنْتَانِ إِلَّا الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة فِي الْحَج ففرادى وَلَو اجْتمع على الشَّخْص فرض وَصَلَاة كسوف أَو خُسُوف فَإِن كَانَ وَقت الْفَرْض وَاسِعًا قدم الْكُسُوف أَو الخسوف لِأَنَّهُ يخَاف فَوتهَا وَإِن كَانَ وَقت الْفَرْض ضيقا قدمه ثمَّ الْكُسُوف أَو الخسوف إِن لم يفت وَلَو اجْتمع عيد وجنازة أَو كسوف وجنازة قدمت الْجِنَازَة فيهمَا خوفًا من تغير الْمَيِّت لِأَنَّهُ مَظَنَّة للتغير هَذَا إِذا حضرت وَحضر الْوَلِيّ وَإِلَّا أفرد الإِمَام جمَاعَة ينتظرونها واشتغل مَعَ البَاقِينَ بغَيْرهَا والعيد مَعَ الْكُسُوف كالفرض مَعَه لِأَن الْعِيد أفضل مِنْهُ وَلَو اجْتمع فرض وجنازة وَلم يخف تغير الْمَيِّت فَإِن كَانَ وَقت الْفَرْض وَاسِعًا وَجب تَقْدِيم الْجِنَازَة وَإِن كَانَ وَقت الْفَرْض ضيقا وَجب تَقْدِيم الْفَرْض فَلَو خيف تغير الْمَيِّت وَجب تَقْدِيم الْجِنَازَة على الْفَرْض وَإِن خيف فَوت وقته
تَتِمَّة قد جعل الله الشَّمْس قدر الأَرْض اثْنَتَيْ عشرَة مرّة وَجعل سَيرهَا فِي البروج من السّنة إِلَى السّنة وَهِي تسير كل شهر فِي برج مِنْهَا فَبعد تَمام السّنة ترجع إِلَى البرج الَّذِي ابتدأت مِنْهُ السّير وَتَكون فِي الشتَاء فِي أَسْفَل البروج وَفِي الصَّيف فِي أَعلَى البروج وَلَا تَجْتَمِع مَعَ الْقَمَر فِي سُلْطَانه لِئَلَّا يبطل كل وَاحِد مِنْهُمَا خاصية صَاحبه إِذْ فِي الشَّمْس خَصَائِص لَا تُوجد فِي الْقَمَر وَبِالْعَكْسِ لِأَن الله تَعَالَى جعل الشَّمْس طباخة للثمار والفواكه ولولاها مَا نبت زرع وَلَا خرجت فَاكِهَة وَلها خَصَائِص أخر وَجعل الله الْقَمَر صباغا لسَائِر أَنْوَاع الْفَوَاكِه وَفِيه خَصَائِص أخر
قَالَ الإِمَام السُّيُوطِيّ الْحِكْمَة فِي كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر أَنه لما سبق فِي علمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن الْكَوَاكِب تعبد من دون الله خُصُوصا الشَّمْس وَالْقَمَر قضى عَلَيْهِمَا بالخسوف والكسوف وَجعل ذَلِك دلَالَة على أَنَّهُمَا مَعَ إشراق نورهما وَمَا يظْهر من حسن آثارهما مأموران وَفِي مصَالح الْعباد مسيران فسبحان الْحَكِيم
وَقَالَ ابْن الْعِمَاد سَبَب كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر تخويف الْعباد بِحَبْس ضوئهما ليرجعوا إِلَى الطَّاعَة لِأَن هَذِه النِّعْمَة إِذا حبست لم ينْبت زرع وَلم يجِف ثَمَر وَلم يحصل لَهُ نضج وَقيل سَببه أَن الْمَلَائِكَة تجرها وَفِي السَّمَاء بَحر فَإِذا وَقعت فِيهِ استتر ضوؤها
(و) من ذِي السَّبَب الْمُتَقَدّم الَّذِي تسن فِيهِ الْجَمَاعَة صَلَاة (استسقاء) وَهُوَ شرعا طلب سقيا الْعباد من الله تَعَالَى عِنْد حَاجتهم إِلَيْهَا
وَالِاسْتِسْقَاء ثَلَاثَة أَنْوَاع أدناها أَن يكون بِالدُّعَاءِ مُطلقًا فُرَادَى ومجتمعين وأوسطها يكون بِالدُّعَاءِ خلف الصَّلَوَات فَرضهَا ونفلها وَفِي خطْبَة الْجُمُعَة وخطبة الْعِيدَيْنِ وَنَحْو ذَلِك وأكملها يكون بِالصَّلَاةِ على الْوَجْه الْآتِي وَإِنَّمَا يفعل الاسْتِسْقَاء عِنْد الْحَاجة بِسَبَب انْقِطَاع المَاء أَو قلته بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَو ملوحته ولاستزادة نفع وَشَمل مَا ذكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute