وَلَا يجوز فعل هَذَا السُّجُود فِي الصَّلَاة
وَيسن أَن يَقُول بعد السُّجُود لرؤية الْمُبْتَلى أَو الْفَاسِق سرا الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني على كثير من خلقه تَفْضِيلًا
وَقد ورد أَنه إِذا قَالَ ذَلِك عافاه الله من ذَلِك الْبلَاء طول عمره
وَكَانَ السّلف الصَّالح يفرحون بالمصائب الَّتِي لَا تضر فِي الدّين نظرا لثوابها فَيَنْبَغِي للْعَبد أَن يفرح بِالْمرضِ كَمَا يفرح بِالصِّحَّةِ ويشكر الله تَعَالَى فِي أَيَّام الْبلَاء وَأَيَّام الرخَاء فَمَا قضى الله لعَبْدِهِ الْمُؤمن أمرا غير مُخَالف لأوامر الشَّرْع إِلَّا وَكَانَت لَهُ الْخيرَة فِيهِ
وَسجْدَة الشُّكْر لَا تدخل صَلَاة بل تحرم فِيهَا وتبطلها وتفوت بطول الْفَصْل عرفا بَينهَا وَبَين سَببهَا
وَمِنْهَا سَجْدَة ص عِنْد قَوْله تَعَالَى {وخر رَاكِعا وأناب} ٣٨ ص الْآيَة ٢٤
وَأول الْآيَة {وَظن دَاوُد} ٣٨ ص الْآيَة ٢٤ فَإِن دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سجدها شكرا لله تَعَالَى على قبُول تَوْبَته من خلاف الأولى الَّذِي ارْتَكَبهُ وَهُوَ إضماره أَنه إِن مَاتَ وزيره تزوج بِزَوْجَتِهِ
وَنحن نسجد هَذِه السَّجْدَة شكرا لله تَعَالَى على ذَلِك عِنْد تِلَاوَة هَذِه الْآيَة وَلَا يشْتَرط أَن يَنْوِي بهَا سُجُود الشُّكْر على قبُول تَوْبَة دَاوُد بل يَكْفِي مُطلق نِيَّة الشُّكْر وَكَذَا لَو قَالَ نَوَيْت السُّجُود لقبُول تَوْبَة دَاوُد بِخِلَاف مَا لَو نوى الشُّكْر والتلاوة مَعًا خَارج الصَّلَاة فَلَا يَصح لِأَن سُجُود التِّلَاوَة إِن لم يكن من السجدات الْمَشْرُوعَة كَانَ بَاطِلا فَإِذا نواهما فقد نوى مُبْطلًا وَغَيره فيغلب الْمُبْطل
فصل فِي مفسدات الصَّلَاة
(تبطل الصَّلَاة) بِعشْرين شَيْئا الأول (بنية قطعهَا) وَهِي نِيَّة الْخُرُوج من الصَّلَاة قبل مَجِيء محلهَا وَهُوَ مقارنتها للسلام إِمَّا حَالا أَو بعد رَكْعَة مثلا فَإِنَّهَا تبطل حَالا كَمَا لَو نوى أَنه يكفر غَدا فَإِنَّهُ يكفر حَالا
فَائِدَة الْعِبَادَات بِالنِّسْبَةِ إِلَى قطع النِّيَّة أَرْبَعَة أَقسَام قسم يبطل بِمُجَرَّد قطع نِيَّته اتِّفَاقًا وَهُوَ الْإِسْلَام وَالصَّلَاة
وَقسم لَا يبطل بذلك اتِّفَاقًا وَهُوَ الْحَج وَالْعمْرَة وَقسم لَا يبطل بذلك على الْأَصَح وَهُوَ الصَّوْم وَالِاعْتِكَاف
وَقسم لَا يبطل مَا مضى مِنْهُ على الْأَصَح لَكِن يحْتَاج الْبَاقِي إِلَى تَجْدِيد نِيَّة وَهُوَ الْوضُوء وَالْغسْل
(و) الثَّانِي ب (تردد فِيهِ) أَي فِي قطعهَا أَو تَعْلِيقهَا بِشَيْء وَلَو محالا عاديا لمنافاته الْجَزْم الْمَطْلُوب دَوَامه فِي الصَّلَاة بِخِلَاف الْمحَال الْعقلِيّ فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي الْجَزْم الْمَذْكُور
(و) الثَّالِث ب (فعل كثير) عرفا إِذا كَانَ كثيرا يَقِينا ثقيلا (وَلَاء) بِغَيْر عذر وَلَا فرق فِي الْفِعْل الْمُبْطل بَين عمده وسهوه فَيبْطل مُطلقًا (وَلَو سَهوا) سَوَاء كَانَ من جنس وَاحِد (كثلاث خطوَات) أَو ضربات مُتَوَالِيَة أَو من أَجنَاس كخطوة وضربة وخلع نعل وَيفهم مِمَّا تقدم أَن ضَابِط الْكَثْرَة الْعرف فَمَا يعده النَّاس كثيرا يضر مثل ثَلَاث خطوَات وَإِن كَانَت بِقدر خطْوَة وَاحِدَة وَالْمُعْتَمد أَن الخطوة نقل الْقدَم إِلَى أَي جِهَة كَانَت فَإِن نقلت الْأُخْرَى عدت ثَانِيَة سَوَاء سَاوَى بهَا الأولى أم قدمهَا عَلَيْهَا أم أَخّرهَا عَنْهَا وَذَهَاب الرجل وعودها يعد مرَّتَيْنِ مُطلقًا