يودع الْمَسْجِد الشريف بِرَكْعَتَيْنِ نفلا مُطلقًا وَالْأولَى أَن يكون بمصلاه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ بِمَا قرب مِنْهُ ثمَّ يَدْعُو بِمَا أحب دينا وَدُنْيا وَمن آكده الابتهال إِلَى الله تَعَالَى فِي قبُول زيارته ثمَّ يَأْتِي الْقَبْر المكرم وَيُعِيد جَمِيع مَا مر عِنْده فِي ابْتِدَاء الزِّيَارَة ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ لَا تجْعَل هَذَا آخر الْعَهْد بيني وَبَين مَسْجده وَحرمه وَيسر لي الْعود إِلَى زيارته والعكوف فِي حَضرته سَبِيلا سهلا وارزقني الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وردنا إِلَى أهلنا سَالِمين غَانِمِينَ ثمَّ ينْصَرف وَيَمْشي تِلْقَاء وَجهه على الْعَادة وَلَا يمشي الْقَهْقَرِي
فرع فِي أَحْكَام النذور
(النّذر) شرعا الْوَعْد بِخَير خَاصَّة قَالَه الرَّوْيَانِيّ وَالْمَاوَرْدِيّ
وَقَالَ غَيرهمَا (الْتِزَام مُكَلّف) قربَة غير وَاجِبَة عينا بِأَصْل الشَّرْع
وأركانه ثَلَاثَة صِيغَة وناذر ومنذور
وَشرط الصِّيغَة لفظ يشْعر بِالْتِزَام وَفِي مَعْنَاهُ كِتَابَة مَعَ نِيَّة وَلَو من نَاطِق وَإِشَارَة أخرس وَلَا يلْزم النّذر بِالنِّيَّةِ وَحدهَا وَإِن تَأَكد فِي حَقه مَا نَوَاه وَمثل النّذر غَيره من سَائِر الْقرب فيتأكد بنيتها وَيَكْفِي فِي صَرَاحَة الصِّيغَة نذرت لَك كَذَا وَإِن لم يقل لله بِخِلَاف مَا لَو قَالَ نذرت لفُلَان كَذَا فَلَا ينْعَقد لِأَن الِاسْم الظَّاهِر لَا يتَبَادَر مِنْهُ الْإِنْشَاء بِخِلَاف الْخطاب فَإِنَّهُ يدل على الْإِنْشَاء بِحَسب الْعرف وَظَاهر أَنه لَو نوى بذلك الْإِقْرَار ألزم بِهِ
وَشرط النَّاذِر إِسْلَام وَاخْتِيَار ونفوذ تصرف فِيمَا ينذره فَيصح نذر سَكرَان لَا كَافِر وَغير مُكَلّف ومكره ومحجور صفة أَو فلس فِي قربَة مَالِيَّة عَيْنِيَّة
وَشرط الْمَنْذُور كَونه (قربَة لم تتَعَيَّن) نفلا كَانَت أَو فرض كِفَايَة كَصَلَاة الضُّحَى وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَخرج بقوله قربَة الْمحرم كَصَلَاة بِحَدَث أَو شرب خمر وَالْمَكْرُوه كَصَوْم الدَّهْر لمن خَافَ بِهِ ضَرَرا أَو فَوت حق والمباح كَأَكْل طَعَام طيب
وَخرج بقوله لم تتَعَيَّن الْوَاجِب الْمُتَعَيّن كَصَلَاة الظّهْر وَلَو نذر من اقْترض مَالا معينا لمقرضه كل يَوْم مَا دَامَ شَيْء من دينه فِي ذمَّته فَإِن قصد أَن نَذره ذَلِك فِي مُقَابلَة الرِّبْح الْحَاصِل لَهُ فَلَا يَصح لِأَنَّهُ على هَذَا الْوَجْه الْخَاص غير قربَة بل يتَوَصَّل بِهِ إِلَى رَبًّا النَّسِيئَة وَإِن جعل نَذره فِي مُقَابلَة حُدُوث نعْمَة ربح الْمُقْتَرض إِن اتّجر فِيهِ أَو اندفاع نقمة الْمُطَالبَة إِن احْتَاجَ لبَقَائه فِي ذمَّته لإعسار أَو إِنْفَاق صَحَّ لِأَنَّهُ يسن للمقترض رد زِيَادَة عَمَّا اقترضه فَإِذا التزمها ابْتِدَاء بِنذر انْعَقَد وَلَزِمتهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُكَافَأَة إِحْسَان لَا وصلَة للربا إِذْ هُوَ لَا يكون إِلَّا فِي عقد كَبيع وَمن ثمَّ لَو شَرط عَلَيْهِ النّذر فِي عقد الْقَرْض كَانَ رَبًّا وَمحل الصِّحَّة حَيْثُ نذر لمن ينْعَقد نَذره لَهُ بِخِلَاف مَا لَو نذر لأحد بني هَاشم وَالْمطلب فَلَا ينْعَقد لحُرْمَة الصَّدَقَة الْوَاجِبَة كَالزَّكَاةِ وَالنّذر وَالْكَفَّارَة عَلَيْهِم وَإِن أطلق بِأَن لم يقْصد شَيْئا من ذَلِك صَحَّ النّذر لِأَن إِعْمَال كَلَام الْمُكَلف حَيْثُ كَانَ لَهُ محمل صَحِيح خير من إهماله وَلَو اقْتصر على قَوْله فِي نَذره مَا دَامَ مبلغ الْقَرْض فِي ذمَّته ثمَّ دفع الْمُقْتَرض شَيْئا مِنْهُ بَطل حكم النّذر لانْقِطَاع الديمومة وَلَو نذر شَيْئا لذِمِّيّ أَو مُبْتَدع جَازَ صرفه لمُسلم أَو سني وعَلى هَذَا فَلَو اقْترض من ذمِّي وَنذر لَهُ شَيْئا مَا دَامَ دينه فِي ذمَّته انْعَقَد نَذره لَكِن يجوز دَفعه لغيره من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute