فرع (سنّ دُخُول صَلَاة بنشاط)
لِأَن الله ذمّ تَارِك ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى} ٤ النِّسَاء الْآيَة ١٤٢ والكسل الفتور عَن الشَّيْء والتواني فِيهِ وَهُوَ ضد النشاط
(وفراغ قلب) عَن الشواغل الدُّنْيَوِيَّة لِأَن ذَلِك أدعى لتَحْصِيل الْغَرَض فَإِذا كَانَت صلَاته كَذَلِك انْفَتح لَهُ فِيهَا من المعارف مَا يقصر عَنهُ فهم كل عَارِف فَيقْرَأ فرَاغ بِالْجَرِّ مَعْطُوفًا على نشاط فَهُوَ من ذكر السَّبَب بعد الْمُسَبّب كَمَا قَالَه عَطِيَّة
(و) سنّ (فِيهَا) أَي فِي جَمِيع صلَاته (خشوع) أما الْخُشُوع فِي جُزْء من الصَّلَاة فَوَاجِب لَيْسَ بِشَرْط وَلَو فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام كَمَا أَفَادَهُ بَعضهم وَهُوَ بِالْقَلْبِ بِأَن لَا يحضر فِيهِ غير مَا هُوَ فِيهِ وَإِن تعلق بِالآخِرَة فَلَو اشْتغل بِذكر الْجنَّة وَالنَّار وَغَيرهمَا من الْأَحْوَال الشَّرِيفَة الَّتِي لَا تعلق لَهَا بذلك الْمقَام كَانَ من حَدِيث النَّفس وَهُوَ مَكْرُوه
وَيكرهُ أَن يتفكر فِي صلَاته فِي أَمر دُنْيَوِيّ أَو فِي مَسْأَلَة فقهية كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن وبالجوارح بِأَن لَا يعبث بأحدها
(وتدبر قِرَاءَة) أَي تَأمل مَعَانِيهَا بطرِيق الْإِجْمَال فَلَا يُبَالغ فِي ذَلِك بل يتَصَوَّر الْمعَانِي إِجْمَالا بِحُصُول الْخُشُوع وَالْأَدب بِهِ وَهُوَ الْمَقْصُود وَبِه تَنْشَرِح الصُّدُور وتستنير الْقُلُوب
وَسن ترتيل الْقِرَاءَة وَهُوَ التأني فِي إِخْرَاج الْحُرُوف حَيْثُ أحرم بِالصَّلَاةِ فِي وَقت يَسعهَا كَامِلَة وَإِلَّا وَجب الْإِسْرَاع لِأَنَّهُ يقْتَصر على أخف مَا يُمكن فإفراط الْإِسْرَاع مَكْرُوه وحرف الترتيل أفضل من حرفي غَيره أَي فَنصف السُّورَة مثلا مَعَ الترتيل أفضل من تَمامهَا بِدُونِهِ وَهَذَا فِي غير مَا طلب بِخُصُوصِهِ كَقِرَاءَة الْكَهْف يَوْم الْجُمُعَة فَإِن إِتْمَامهَا مَعَ الْإِسْرَاع لتحصيله سنية قرَاءَتهَا أفضل من قِرَاءَة بَعْضهَا مَعَ التأني فِي الْقِرَاءَة وَيسن للقارىء مُصَليا أَو غَيره أَن يسْأَل الله الرَّحْمَة إِذا مر بِآيَة رَحْمَة ويستعيذ من الْعَذَاب إِذا مر بِآيَة عَذَاب وَمحل اسْتِحْبَاب ذَلِك إِذا لم تكن آيَة الرَّحْمَة وَالْعَذَاب فِي شَيْء قَرَأَهُ بدل الْفَاتِحَة وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ لِئَلَّا يقطع الْمُوَالَاة فَإِن مر بِآيَة تَسْبِيح سبح أَو بِآيَة مثل تفكر وَإِذا قَرَأَ {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} ٩٥ التِّين الْآيَة ٨ سنّ لَهُ أَن يَقُول بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَإِذا قَرَأَ {فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ} ٧ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٨٥ يَقُول آمَنت بِاللَّه وَإِذا قَرَأَ {فَمن يأتيكم بِمَاء معِين} ٦٧ الْملك الْآيَة ٣٠ يَقُول الله رب الْعَالمين وَيَقُول ذَلِك الإِمَام وَالْمَأْمُوم سرا كأذكار الْأَركان وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو مر الإِمَام بِآيَة رَحْمَة أَو عَذَاب فَإِنَّهُ يجْهر بالسؤال وَيُوَافِقهُ الْمَأْمُوم فِيهِ وَلَا يُؤمن على دُعَائِهِ وَإِن أَتَى بِهِ بِلَفْظ الْجمع
(و) تدبر (ذكر) وَلَا يُثَاب عَلَيْهِ إِلَّا أَن عرف مَعْنَاهُ وَلَو بِوَجْه كَمَا أَفَادَهُ الونائي
وَقَالَ الشبراملسي لَا بُد أَن يعرفهُ وَلَو بِوَجْه وَمن الْوَجْه الْكَافِي أَن يتَصَوَّر أَن فِي التَّسْبِيح والتحميد وَنَحْوهمَا تَعْظِيمًا لله وثناء عَلَيْهِ انْتهى
وَقَالَ الشنواني فقد قَالَ الأكابر الأخيار أَن الشَّخْص لَا يُثَاب على الذّكر إِلَّا إِذا عرف مَعْنَاهُ واستحضره وَلَو إِجْمَالا مَا عدا الْقُرْآن وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي الْمُخْتَار (وإدامة نظر مَحل سُجُوده) فِي جَمِيع صلَاته وَلَو بِحَضْرَة الْكَعْبَة وَإِن كَانَ أعمى أَو فِي ظلمَة بِأَن تكون حَالَته