للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل فِي الصيال

وَهُوَ الهجوم والقهر وَفِي حكم الختن

(يجوز) للمصول عَلَيْهِ (دفع صائل على مَعْصُوم بل يجب) عَلَيْهِ دَفعه (عَن بضع) وَلَو لبهيمة (وَنَفس قَصدهَا كَافِر) وَلَو مَعْصُوما إِذْ غير الْمَعْصُوم لَا حُرْمَة لَهُ والمعصوم بطلت حرمته بصياله وَلِأَن الاستسلام للْكَافِرِ ذل فِي الدّين وَكَذَا إِذا قَصدهَا بَهِيمَة لِأَنَّهَا تذبح لاستبقاء الْآدَمِيّ فَلَا وَجه للاستسلام لَهَا وَمثل الْكَافِر الزَّانِي الْمُحصن لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل دون دينه أَي لأجل الدّفع عَن دينه فَهُوَ شَهِيد أَي بِأَن حمله الصَّائِل على الرِّدَّة أَو الزِّنَا وَمن قتل دون دَمه أَي فِي الْمَنْع عَن الْوُصُول إِلَى دَمه فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون أَهله فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون مَاله أَي قُدَّام مَاله فَهُوَ شَهِيد

وَالْحَاصِل أَنه إِذا صال شخص وَلَو غير عَاقل كمجنون وبهيمة أَو غير مُسلم أَو غير مَعْصُوم وَلَو آدمية حَامِلا على شَيْء مَعْصُوم لَهُ أَو لغيره نفسا أَو عضوا أَو مَنْفَعَة أَو بضعا أَو مَالا وَإِن قل أَو اختصاصا كَذَلِك فَلهُ دَفعه جَوَازًا فِي المَال والاختصاص ووجوبا فِي غَيرهمَا فَإِن وَقع صيال على الْجَمِيع فِي زمن وَاحِد وَلم يُمكن إِلَّا دفع وَاحِد فواحد قدم وجوبا النَّفس أَي وَمَا يسرى إِلَيْهَا كالجرح فالبضع فَالْمَال الخطير فالحقير إِلَّا أَن يكون لذِي الخطير غَيره أَو وَقع على صبي يلاط بِهِ وَامْرَأَة يَزْنِي بهَا قدم الدّفع عَنْهَا وجوبا لِأَن حد الزِّنَا مجمع عَلَيْهِ وَلما يخْشَى من إختلاط الْأَنْسَاب وَلذَلِك كَانَ الزِّنَا أَشد حُرْمَة من اللواط لَكِن قَالَ ابْن حجر إِن كَانَت الْمَرْأَة فِي مَظَنَّة الْحمل قدم الدّفع عَنْهَا لِأَن خشيَة إختلاط الْأَنْسَاب أغْلظ فِي نظر الشَّارِع من غَيرهَا وَإِلَّا قدم الدّفع عَن اللواط

وَشرط وجوب الدّفع عَن الْبضْع وَعَن نفس الْغَيْر أَن لَا يخَاف الدَّافِع على نَفسه أما الدَّافِع عَن بضع نَفسه فَيجب دَفعه وَإِن خَافَ الْقَتْل فَيحرم على الْمَرْأَة أَن تستسلم لمن صال عَلَيْهَا ليزني بهَا مثلا وَإِن خَافت على نَفسهَا إِذْ لَا سَبِيل لإباحة نَحْو الْبضْع وَلَا يجب الدّفع إِذا قصد نَفسه مُسلم مَعْصُوم الدَّم وَلَو مَجْنُونا بل يجوز الاستسلام لَهُ بل يسن لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن خير ابْني آدم

أَي وَهُوَ هابيل الَّذِي قَتله قابيل وخيرهما الْمَقْتُول لكَونه استسلم للْقَاتِل وَلم يدْفع عَن نَفسه وَمحل جَوَاز الاستسلام مَا لم يقدر على الْهَرَب وَإِلَّا وَجب وَحرم الْوُقُوف وَمَا لم يكن ملكا عادلا متوحدا فِي ملكه أَو عَالما متوحدا فِي زَمَانه أَو شجاعا أَو كَرِيمًا وَكَانَ فِي بَقَائِهِ مصلحَة عَامَّة وَإِلَّا فَلَا يجوز لَهُ الاستسلام بل يجب حِينَئِذٍ الدّفع عَن نَفسه كَمَا يجب الدّفع عَن الْعُضْو وَالْمَنْفَعَة

(وليدفع) أَي الصَّائِل الْمَعْصُوم (بالأخف) فالأخف بِاعْتِبَار غَلَبَة ظن المصول عَلَيْهِ (إِن أمكن) فيدفعه بالهرب مِنْهُ فبالزجر كتوبيخ وتذكير بوعيد الله وأليم عَذَابه أَو استغاثة فَهُوَ مُخَيّر بَينهمَا إِن لم ينشأ من الاستغاثة إِلْحَاق ضَرَر أقوى من الزّجر كإمساك حَاكم جَائِر

<<  <   >  >>